هذا العمل المشترك بين كاتبات إماراتيات نجم عنه كتاب جميل بعنوان قائمة بسيط ولكنه عميق. تستطيع القول إنه كتاب نسوي أو كتاب أنثوي بامتياز اشتغلت عليه كل من المبدعات: صالحة غابش، و شيخة المطيري، و فاطمة الهديدي، وشيخة الجابري، و بشرى عبدالله، وأسماء الزرعوني، وصالحة عبيد. كتاب قائمة هو كتاب مطبخ، محوره هو إبداع الطعام أو الشوربة ومن بعد ذلك إبداع العطر والبخور. هنا كتابات مشتركة محورها (الأكل) ولكن بشراهة شعرية أدبية وليست شراهة معوية (خصوصاً أننا الآن في شهر رمضان. رمضان المغفرة، ورمضان النعمة. يقرأ هذا الكتاب في أيام الصيام على خلفية سردية شفافة، فهو ليس كتاب مطبخ بمعنى مقادير البهار والملح والخضار واللحم، وإنما هو كتاب أدب تتمازج فيه روح القص، مع روح الشعر. يربط الكتاب بذكاء بين مزاج المرأة، ومزاج الكتابة، والقاسم المشترك هو المطبخ.. نقرأ في مقدمة الكتاب: .. كان لا بد من ربط الكتابة بالمرأة، وكان لا بد من البحث عن إطار يوحد الفكرة ولها عميق الصلة بها - أي بالمرأة - وبعد اقتراحات عدة كان مقترح أن يكون منطلقنا مملكة منسية أو تكاد.. إنه المطبخ... كتاب (قائمة menu) تجربة أولى ونادرة في الكتابة الأدبية المشتركة من الفضاء الثقافي والاجتماعي والانثروبولوجي للمطبخ، بوصفه مكاناً لنوع من الإبداع، وبوصف المرأة (قائمة كإنسان) بكرامة واحترام للذات.تكتب صالحة غابش (المقبلات).. إنها مفاتيح النفس والحب، وتكتب عن (السرود) بلغة شعرية شفافة وتقول.. .. أريد أن أقول إن السرود مائدة الطعام المستخدمة قديماً مصنوعة من سعف النخيل وتفرش على الأرض، وترص عليها صحون الوجبات... صالحة غابش تحيل الشوربة إلى السخونة والدفء، وعلى نحو إيحائي بالغ الشفافية تربط بين دفء الطعام ودفء الجسد.. .. لا أدري كيف بدأ الإنسان في عصرنا يفقد اقتناعه بأن كرامة الجسد تتمثل في الحفاظ عليه وستره... شيخة المطيري تتحدث عن بعض السوائل.. ولكنها أكثر شغفاً بالماء.. .. لوحة البحر.. الماء يكتب شيئاً.. يقول شيئاً، ويمسح أشياء أكثر يقطع صوت الماء صوته وهو يضع على كرسيها زجاجة ماء.... ونلاحظ هنا أن الكتابة عن الماء في المطبخ تجاوزت المطبخ إلى البحر، ثم إلى رجل غامض .. يضع على كرسيها زجاجة ماء... البصل بطل المطبخ.. إنه المهيمن، تكتب فاطمة الهديدي.. إنه البصل، لطالما أبكاني ومازال. لأنه أبيض ولأنه نفاذ، يذكر بالقوّامين على النساء بحللهم البيض كما لو كانت قشوراً في البصل. خبز الرقاق سائد في الثقافة الشعبية الإماراتية، ولكن شيخة الجابري تحيل الخبز إلى أصدقاء. أو أن الأصدقاء هم الخبز هم خبز.. خبز الحياة وسكرها هم كالعسل المسكوب على خبزة رقاق رقيقة عند بزوغ الفجر. فالأولون يؤمنون بأن العسل يمنحهم القوة ويبعث على الحيوية. ويمد الإنسان البدوي بالطاقة التي تساعده على اجتياز الفيافي والقفار. بشرى عبدالله تكتب عن الحلويات .. بعض الحلويات هي قرابين للروح..، والبثيثة نوع من الحلويات في الإمارات. تقول.. .. إذا كان محمود درويش يحن إلى خبز أمه، فأنا أحن إلى بثيثة أمي.. البثيثة مع القهوة لا تختلف في المذاق فحسب، بل في رائحتها وفي دفئها... من فنجان قهوة أسماء الزرعوني:- .. اتركي الفنجان، فالقهوة ضارة، وأنا ضار مثلها دعيني افرغ ما عندي. لقد سئمت الصمت.. أعرف أن كلماتي قد اخترقت جسدك... صالحة عبيد حسن تكتب عن العطر، والرائحة، والبخور، والمدخنة. بل، أكثر من ذلك (تؤنسن) المدخنة التي تحتوي جمرة البخور في الثقافة الشعبية الإماراتية.. تقول.. .. المدخنة مطيعة جداً تحتمل كما كبيراً من الدخان الذي ينفثه البخور، وتحتمل كما كبيراً من الملابس التي تتكدس فوقها لتسلبها حق التنفس... كتاب شهي. مذاقي. روائحي. عطر. يفوح برائحة البهار، ويقرأ، كما يبدو لي وأنت جائع، ربما ليدفعك للكتابة في المطبخ. في الدورة الثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب شهد المعرض حالة إبداعية كتابية نادرة، فقد جرى اتفاق بين عدد من الكاتبات والفنانات الإماراتيات على إنجاز كتاب بأقلام مشتركة على أن يتم وضع مادة الكتاب وطباعته ونشره وإصداره خلال أسبوع واحد ويوزع في المعرض. الكتاب: قائمة (menu). التأليف: مجموعة كاتبات إماراتيات. الناشر: المكتب الثقافي - رابطة أديبات الإمارات (2011) الطبعة الأولى.