قبل 3 أشهر عاد ابن سارة إبراهيم، التلميذ بالسنة الرابعة، إلى البيت من مدرسته بولاية ماريلاند وطرح عليها سؤالاً مزعجاً. قالت سارة الأميركية المسلمة التي تعمل في إحدى الوكالات الحكومية في ماريلاند إن ابنها سألها: "هل سيكون عندي وقت لأودعك قبل ترحيلك؟". وقالت الأم البالغة من العمر 35 عاماً: "كان الأولاد في فصله يسألون: من سيرحل عندما يصبح ترامب رئيساً؟". حدث ذلك بعد بضعة شهور من دعوة مرشح الرئاسة الجمهوري المفترض دونالد ترامب لفرض حظر على المهاجرين المسلمين وفرض رقابة أشد على المساجد بعد أن قتل زوجان مسلمان 14 شخصاً في سان برناردينو. وكثف ترامب تصريحاته المعادية للمسلمين بعد حادث إطلاق النار في أورلاندو الذي قتل فيه مسلم أميركي المولد 49 شخصاً في ملهى ليلي للمثليين، ودعا إلى وقف الهجرة من الدول التي "لها تاريخ مؤكد في الإرهاب". وكرر ترامب دعوته لتشديد الرقابة على المساجد وحذر من أن مسلمين متطرفين "يحاولون استمالة أولادنا". وفي الوقت الذي نأت فيه قيادات الديمقراطيين وعدد من قيادات الجمهوريين بنفسها عن تصريحات ترامب يقول كثير من المسلمين الأميركيين إن موقفه خلق جواً قد يشعر فيه البعض بأن بإمكانهم الحديث علانية عن معاداة المسلمين أو الهجوم عليهم دونما خوف من عقاب. خروج أفكاره إلى العلن وقالت سارة في إفطار جماعي بمناسبة شهر رمضان: "ما فعله ترامب هو إخراج هذه الأفكار المستترة إلى العلن. فقد سمح للناس بأن يتكلموا بصوت عالٍ وأزال الشعور بالخزي الذي يصاحب التحامل. وأصبح الناس يدركون أنهم لن يتعرضوا للعقاب". ولم ترد حملة ترامب الانتخابية على طلب للتعليق. وكان ترامب نفسه قد رفض الانتقادات التي وجهت له بأن لغة الخطاب التي يستخدمها عنصرية وقال إنه كثيراً ما تسيء وسائل الإعلان وخصومه فهمه. وقال تقرير لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية وجامعة كاليفورنيا بيركلي نشر يوم الاثنين إن عدد الحوادث المسجلة التي استهدفت فيها مساجد قفز إلى 78 حادثاً العام الماضي مسجلاً أعلى مستوى منذ بدأ المجلس تتبع هذه الحوادث عام 2009. وفي العامين السابقين كان عدد هذه الحوادث 20 و22 على الترتيب. ومن بين الوقائع في هذه الحوادث تهديدات لفظية واعتداءات بدنية. وقال كوري سيلور، مدير قسم المتابعة ومكافحة رهاب الإسلام بالمجلس، إن الحوادث الناجمة عن رهاب الإسلام شهدت ارتفاعاً كبيراً في أعقاب حادث أورلاندو ومنها حوادث استهدفت مساجد. وقال سيلور: "لغة الخطاب التي يستخدمها ترامب تهديد مباشر للمبادئ الأميركية. فقد جعل أفكاراً مناوئة للدستور مثل حظر دخول الناس أو فرض رقابة عليهم بناءً على دينهم اتجاهاً عاماً". وأضاف: "مثل هذه اللغة المثيرة للانقسامات تسهم في خلق بيئة سامة يتولى فيها بعض الناس تطبيق القانون بأنفسهم ويعتدون على ما يعتبرونه إسلامياً من الناس والمؤسسات". تقسيم البلاد ويقول مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية إن الارتفاع الكبير السابق في الحوادث التي استهدفت فيها مساجد حدث عام 2010 في أعقاب الضجة التي أثارتها إقامة مركز إسلامي بالقرب من موقع هجمات 11 سبتمبر/أيلول في نيويورك. وقال المجلس إن ذلك أضاف "ثقلاً للرأي القائل إن مستويات المشاعر المعادية للمسلمين تتبع اتجاهات في السياسة المحلية الأميركية لا الإرهاب الدولي". وقد استنكر رجال الدين اليهودي والمسيحي الأميركيون لغة ترامب. ومازالت الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة تفوق بكثير الحوادث التي تستهدف المسلمين. وقالت رابطة مكافحة التشهير اليهودية في العام الماضي إن عدد حوادث معاداة السامية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بلغ 912 حادثاً خلال عام 2014 بزيادة نسبتها 21% عن عام 2013. وقال الحاخام إيريك يوفي، الرئيس الشرفي لاتحاد اليهودية الإصلاحية: "إذا لم يكن المسلمون أحراراً آمنين في أميركا، فالمسيحيون واليهود ليسوا أحراراً آمنين في أميركا". وأثار ترامب انتقادات أيضاً بتصريحاته المناهضة للمهاجرين من أصول لاتينية، ووصف المكسيكيون في مرحلة سابقة من حملته الانتخابية بأنهم "مغتصبون"، وقال إن مجرمين آخرين يعبرون الحدود وطالب بترحيل جميع المهاجرين ممن لا يحملون وثائق رسمية. وقالت منال عمر، المؤلفة الأميركية المسلمة في واشنطن، إنها توقفت عن ركوب مترو الأنفاق والسير وحدها في الساعات المتأخرة من المساء. وأضافت: "لا أستطيع أن أتجاهل التغريدات والرسائل الغاضبة التي تلقيتها من متطرفين يمينيين". وتؤكد منال أنها تتخذ المزيد من الحذر بصفة خاصة بعد مقتل النائبة البريطانية جو كوكس التي كانت تعرفها معرفة شخصية الأسبوع الماضي. وبعد بضعة أيام من هجوم سان برناردينو احترق مطعم أسرة إلهام حسن في حريق متعمد في جراند فوركس بولاية نورث داكوتا. وفي مايو/أيار اعترف ماثيو جاست في محكمة اتحادية بارتكاب جريمة كراهية وإشعال حريق. كما اعترف بأنه أشعل الحريق بسبب الجنسية الأصلية للعاملين ورواد المطعم الذي يعد مركزاً من مراكز تجمّع الأميركيين من أصل صومالي. وقال صاحب المطعم: "لا أعرف ماذا أتوقع إذا أصبح (ترامب) رئيساً. فهو مُعاد للأقليات. وهو مُعاد للإسلام. وهذه ليست رسالة وحدة بل رسالة تقسيم للبلاد، وهذا ليس ما قامت عليه أميركا".