عندما نتحدث عن الحوار مع الآخر، فإنه دائماً يرتبط عند البعض منا بإقناع الآخر بما يعتقد به وثني الآخر عن معتقداته أو دينه أو أفكاره، وإذا لم يحدث ذلك فإن ذلك يعني بأن الحوار قد فشل. وهذا الفهم الأعوج لمعنى «الحوار» هو أحد أهم أسباب مشاكلنا في التعايش مع الآخر وعدم تقبلنا له، في كثير من الأحيان. إن هذا الفهم لمعنى الحوار هو ما يصل بنا غالباً إلى طريق مسدود عندما يتم التحاور مع أصحاب الديانات أو الطوائف الأخرى، لكوننا نرغب بأن نغير ديانتهم أو معتقداتهم بل وأفكارهم، ليتبعوا ديننا أو معتقداتنا أو أفكارنا، ولذلك يتحول الموضوع من موضوع حوار الهدف منه تقريب وجهات النظر إلى مناظرة وجدال عقيم ينتهي بإعلان الفائز واتساع نقاط الخلاف أكثر بدلاً من تضييقها، ليصبح الحوار مضيعة للوقت ولا معنى له من الأساس. فعندما يتحاور البعض وهو يعتقد بأنه على حق والآخر على ضلالة، ويكون حواره معه بفوقية وعدم اكتراث لما يقول، فهو في نظره «من أصحاب الجحيم»، فإن نتائج الحوار ستكون دائماً سلبية. الغرض من الحوارهو فهم الآخر وتقبله كما هو بدينه أو معتقداته أو طائفته، والتعايش معه كما هو، وليس كما نريده أن يكون. وفي المقابل نتوقع من الآخر أيضاً تقبلنا كما نحن بديننا ومعتقداتنا، وهذا الأساس الذي يجب أن يكون عليه الحوار ليتم التعايش بسلام. أما إذا كان الحوار لإقامة الحجة على الآخر، وفي حال عدم إقناعه فيجب الاستمرار في نبذه والدعاء عليه ووصفه بأقذع الألفاظ، فإن ذلك لن يصل بنا إلى حل، وسندور في حلقة مفرغة لن نخرج منها. ولذلك، فإن الحوار الوطني الداخلي لدينا لم يتقدم أو يحدث نتائج إيجابية ملموسة تذكر. في العديد من الدول، نجد فيها ديانات ومعتقدات مختلفة، ولكن الجميع يحترم الآخر أو على الأقل يكفيه شرَّه، وهذا مر بمراحل طويلة حتى تشكَّلت هذه الثقافة، ونأمل أن نصل نحن أيضاً في يوم من الأيام للتعايش مع الآخر كما هو لا كما نريده أن يكون. q.metawea@maklawfirm.net