أن تكونَ "جزائرياً".. هذا يعني أنَّ لرمضان طقوساً خاصة عندك، تختلفُ في مُجملها وتتميّز عن باقي أشهُر السنّة.. فَلرمضانَ نكهتُه الخاصة في "الجزائر".. المدينة التي تحْتفي بالشّهرِ الفضيل بكلّ ما في قلبها من عذوبة الحُب.. والسّكينة.. والجمال.. والصّخب إنْ صحّ التعبير.. لرمضانَ في "الجزائر" ألقٌ خاص.. جعلَ منه الشّهر الأكثرَ روحانية، والشّهر الأكثر صلة للرحم وفعل الخير.. ما إنْ يأتي رمضان حتّى يتسارعَ أبناء "الجزائر" لوضعِ جدولٍ مليء بخطط قيد الإنجاز في هذا الشهر الفضيل.. ما بينَ توزيعٍ للسّلل الرمضانيّة على الفقراء والمحتاجين.. إلى إقامةِ موائد مفتوحة على مدار الشّهر لكلّ عابر سبيل.. إلى طلاءِ المنازل فرحاً بقدومه، وشراءِ أوانٍ منزلية جديدة.. بالإضافة إلى شراء التوابل بكافة أنواعها.. فمأكولات هذا الشّهر، تكادُ لا تُحصى ومائدة الإفطار لا تقتصر على وجبة أو وجبتين.. في هذا الشّهر الكريم.. يعملُ "الجزائريّون" على تعويدِ أطفالهم الصّغار على فريضة الصّوم.. فتجدَهم لا يترددون في إقامة احتفالاتٍ خاصة لهم.. وتكريمهم ومُكافأتهم، وتعليمهم مبادئَ الصّوم وفوائده.. منهم من يصوم (صوم العصافير).. أيّ نصف يوم فقط.. ومنهم من يُكمل يومه كاملاً.. وهذا جائزته أكبر.. وعادةً يكون الاحتفال بهم في ليلة النصف من رمضان.. كما يحرصُ "الجزائريّونَ" أيضاً على ختانِ أبنائهم في هذا الشهر، في حفلٍ بهيج مليءٍ بالزّغاريد والأهازيجِ الدينيّة والشّعبية.. حيث يرتدي الطفل "جلابيّة": (قندورة) بالمصطلح الجزائري، وهي عبارة عن قميصٍ مُطرز مع بنطالٍ تقليديّ.. ويضع فوق رأسه طربوشاً يجعلُ منه ملكَ تلكَ الليلة بامتياز.. كما تحرصُ العائلة في هذا الشّهر على الاجتماعِ دائماً.. وتحضيرِ الأطباق المتنوعة من مأكولاتٍ.. كَـ"الشوربة" أو"الحريرة".. و"البوراك" و"اللّحم الحلو" و"الطاجين" بكافة أنواعه.. و"الكسكسي" و"الشخشوخة"، وحلويات كَـ: "الزلابيّة" و"قلب اللوز" و"القطايف" و"البقلاوة".. والعديدِ من الأكلات الشّعبية والتقليدية التي تتميز بها كلّ منطقة في الجزائر.. وفي سهرةِ المساء.. تجتمعُ الفتيات والنساء، في حلقاتٍ صغيرة، لتقرأَ كلّ واحدةٍ منهنَّ "بوقالتها" الخاصة.. و(البوقالات) هي: عبارة عن جمل مُتراصّة، تحملُ إيقاعاً واحداً، وتكونُ باللّهجة "العاميّة الجزائريّة" في أغلبِ الأحيان.. تحوي كلاماً طيّباً ذا معنىً إيجابيّ، وفألَ خير لكلّ فتاةٍ تنوي ذلك عندَ سحبِ "بوقالتها" الخاصة بها.. في جوٍّ مليء بالأُلفة والمحبة والضحك.. دونَ أن أنسى أجواءَ رمضان الروحانيّة، فالمساجدُ في "الجزائر" تتحولُ إلى خليّة نحل.. ما بين حلقاتٍ لتحفيظِ القرآن الكريم، وتعليمِه، ومسابقاتٍ لمَن يحفظُ من آياته أكثر.. إلى الاعتكافِ والمُواظبة على صلاة التراويح، وقيام الليل، والإكثارِ من الدروس الفقهية، وقراءة القرآن وختمه. لا تكفي العبارات والكلمات للتعبير عن الطقوس الرمضانية في الجزائر.. لأنها كثيرة وتختلف من منطقة إلى أخرى.. فَ #رمضان_في_مدينتي، يُعامل كضيفٍ كريم.. تُحسن وفادته.. وتُرعى قيمه.. ومبادئه.. يستقبلهُ الجميع بسعادةٍ غامرة.. ويودعونه بأملٍ ورجاء من ربّ العالمين.. أن يُعيده عليهم أعواماً عديدة.. وهم في أحسن حال.. وكلّ رمضان والجميع بألف خير.. وأهلاً بكم في "الجزائر".. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.