وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لقاء الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي مع الرئيس أوباما بـ«المثمر للغاية»، وأكد على نجاح لقاءات ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان مع مسؤولي الإدارة الأميركية، واللقاءات الأخرى التي انعقدت مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، ووزراء التجارة والخزانة والطاقة والمشرعين الأميركيين في الكونغرس والمديرين التنفيذيين ورؤساء الشركات الأميركية. ولفت الجبير إلى متانة وقوة وعمق العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، بالقول: «بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض أو الحزب الذي يسيطر على الأغلبية في الكونغرس الأميركي»، مشيرا إلى أن العقود الثمانية الماضية شهدت نموا في تلك العلاقات بشكل قوي لأنها مبنية على المصالح وليس على العلاقات الشخصية. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده بمقر السفارة السعودية في واشنطن، أن تلك اللقاءات عملت على تقوية العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الجانبين وتبادل المعلومات والتحديات التي تواجه البلدين ومناقشة الرؤية 2030 وتوضيح مسار السعودية في تحقيق تنويع اقتصادي وإصلاحات مالية واقتصادية خلال العشرين عاما المقبلة، مشيرا إلى أن الأميركيين كانوا متفائلين حول تلك الرؤية ويرغبون في العمل مع المملكة العربية السعودية، وتطرقت النقاشات إلى التحديات التي تواجه المنطقة والقضايا المتعلقة بسوريا والعراق والوضع في اليمن وليبيا وكيفية تعميق العلاقات، إضافة إلى التعرف أكثر على رؤية المملكة. وأشار وزير الخارجية السعودي الذي كان مشاركا في لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس باراك أوباما إلى أن الاختلاف في الرؤية الأميركية والرؤية السعودية حول حل الأزمة السورية ليس كبيرا، واستدل بأن الطرفين يدعمان التوصل إلى حل سياسي مبني على اتفاق «جنيف1»، وعلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن الطرفين يتفقان على أنه لا دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا، وأهمية المحافظة على المؤسسات السورية وأهمية بناء دولة سورية جديدة تعيش فيها كل الطوائف. وأضاف الجبير: «كانت هناك أفكار فيما يتعلق بتكثيف الضغوط على الأسد للتجاوب مع المطالب الدولية لوقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية والبدء في عملية سياسية لتحقيق الانتقال السياسي وتبادل الآراء لأفضل الوسائل لتكثيف هذه الجهود» وبلهجة حاسمة شدد الوزير السعودي قائلا: «الجميع يعلم كيف ستنتهي الأزمة السورية من دون بشار الأسد، إنه أمر محسوم، وقد قلت مرارا إنه على الأسد أن يرحل أما عن طريق عملية سياسية أو سيقوم الشعب السوري بإبعاده بقوة السلاح». وأيد وزير الخارجية السعودي ما عرضه أكثر من خمسين دبلوماسيا أميركيا في مذكرة بضرورة شن ضربات عسكرية على القوات الحكومية السورية لوقف انتهاكاتها المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار، وقال الجبير: «نساند هذه المذكرة وما جاء فيها، وكنا منذ بداية الأزمة السورية نطالب بتكثيف الضربات وإنشاء منطقة آمنة للسوريين وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، وطالبنا بذلك مرات كثيرة، ونؤمن أنه ما لم يتم تغيير موازين القوى في سوريا لن يكون هناك سبيل لتحقيق حل للأزمة وإذا شعر بشار الأسد أنه يستطيع الاستمرار في ضرباته ضد الشعب السوري فإنه لا يوجد عليه ضغط أو حافز ليقوم بتسوية سياسية»، وكرر الجبير تأييده قائلا: «نعم نشجع عملية عسكرية ضد الأسد في سوريا». وأضاف: «كان لا بد من توفير أسلحة للمعارضة السورية منذ خمس سنوات وكان ذلك ليحل الأزمة السورية». وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والسعودية، ووسط تقارير تتحدث عن مشروع قانون يتدارسه الكونغرس لمنع صفقات أسلحة جو - أرض، قال الجبير إن مشروع القانون الذي يدرسه الكونغرس الأميركي اعتمد على ادعاءات زائفة، والمملكة العربية السعودية وقوى التحالف مهتمة بالحفاظ على أرواح المدنيين، ويتم تسجيل ضربات التحالف بالفيديو، ونأخذ كل الإجراءات لضمان عدم استهداف مناطق مدنية، والحفاظ على أرواح المدنيين، وقد أوضحنا ذلك في لقاءاتنا مع المشرعين الأميركيين، وناقشنا الوضع المتعلق باليمن في لقائنا مع وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر الذي استمر لأكثر من ساعتين. وأشار الجبير إلى أن صفقات السلاح بين البلدين مستمرة، من دون أن يدخل في تفاصيل حول احتمالات صفقات صلاح جديدة بين الجانبين، لكنه قال: «عندما يتقابل وزيران للدفاع بالطبع ستدور المناقشات حول صفقات أسلحة محتملة ولن أتحدث عن التفاصيل». وحول موقف المملكة العربية السعودية من إيران، قال الجبير إنه لم يتغير.. «هي دولة تحاول تصدير ثورتها للخارج وتقوم بدعم الإرهاب وتتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها وتزعزع الأمن.. إذا كانت إيران تريد إقامة علاقات طيبة مع جيرانها فعليها أن تتخلى عن محاولات تصدير الثورة الإيرانية وأن تحترم مبادئ حسن الجوار، وألا تنظر إلى دول المنطقة وشعوبها من منظور طائفي». وأكد وزير الخارجية السعودي أنه إذا أقدمت إيران على الالتزام بموجب هذه المبادئ وقامت بالكف عن تهريب الأسلحة والمخدرات؛ فلا مانع من إقامة علاقات حسن جوار وعلاقات طيبة معها. مستدركا بالقول: «على مدى 35 عاما، انتهجت إيران سلوكا عدوانيا وأشعلت الفتن الطائفية وقامت باغتيال الدبلوماسيين وتسليح الميليشيات المتطرفة». وحول تحوير التصريحات التي خرجت من الإمارات حول وقف العمليات العسكرية في اليمن، قال الجبير: «تلك الأخبار ليست دقيقة، وليس لدينا شك في التزام الإمارات العربية المتحدة وموقفها واضح منذ البداية، وهي دولة أساسية في التحالف وشاركت بقوة لدعم شرعية الحكومة اليمنية وليس هناك تغيير في موقفها». وأوضح الجبير أن قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قامت بتقليص العمليات العسكرية بناءً على اتفاقات الهدنة والجهود الدبلوماسية الحالية في الكويت، ونأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية تصل باليمن إلى بر الأمان. وفي إجابته عن أسئلة الصحافيين الأميركيين حول رفع السرية عن الصفحات الـ28 حول هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، قال الجبير: «إن الإفراج عن تلك الصفحات هو أمر يرجع للسلطات الأميركية، وقد طلبنا الإفراج عن هذه الأوراق منذ عام 2002، والتحقيقات حول تلك الصفحات أكدت أنه لا توجد أدلة على تورط السعودية في الأحداث، ولدينا في السعودية قوانين صارمة لملاحقة المتطرفين واعتقالهم ووقف أي تمويل للجماعات المتطرفة، ولا أحد يمكنه التشكيك في أن السعودية تكافح الإرهاب، إذ عانت منه على مدى 12 عاما من الهجمات الإرهابية ضدها، وستستمر المملكة في مكافحة الجماعات الإرهابية». وحول أجواء الانتخابات الأميركية وتصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنع المسلمين من المجيء للولايات المتحدة قال الجبير: «في كل انتخابات تقال أشياء لا يعنيها الشخص وتقال أشياء لكسب الأصوات، وعلى مدي 80 عاما كانت العلاقات الأميركية السعودية تنمو وتتوسع وتقوى في كل المجالات، وسواء كان الرئيس القادم ديمقراطيا أو جمهوريا فإن العلاقات ستستمر لأنها ليست علاقات شخصية، وإنما علاقات تقوم على أساس المصلحة والمصالح المشتركة، وهي شراكة عميقة سواء في تحقيق الاستقرار في المنطقة أو في أسواق الطاقة أو الأسواق المالية، فضلا عن مكافحة التطرف والإرهاب أو في مجال التجارة والاستثمار».