×
محافظة المنطقة الشرقية

«بلدي القطيف» يطلع على مقترح لإنشاء جزيرة سياحية بالرامس

صورة الخبر

المشهد اللبناني يبشر بعذابات جديدة، وذلك عبر تعرض القطاع المصرفي إلى الاغتيال، مما يعني خسارة لبنان ميزته الرئيسية التي بقيت صامدة على مدى عقود من النزاعات الطويلة بدأت عذابات لبنان منذ حرب فلسطين عام 48، إذ استقبل لبنان عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين، وخسر بوابته البرية الجنوبية باتجاه مصر والأردن والجزيرة العربية، وأمست سورية بوابته البرية الوحيدة. وأصبح لبنان يتأثر بالتطورات التي تقع في سورية على كل المستويات. وقد شكل قيام دولة الوحدة العربية بين مصر وسورية قمة ذلك التدخل السوري في الواقع السياسي اللبناني. وربما تكون أحداث عام 58 في لبنان بين دولة الوحدة وحلف بغداد هي الشرارة الأولى للنزاعات الأهلية العربية - العربية. شكل انهيار دولة الوحدة المصرية السورية محطة جديدة من مسلسل العذابات، وذلك بسبب خروج نظام عبدالناصر من سورية وتموضعه في لبنان ما يقارب 10 سنوات كانت مصر فيها ذات تأثير كبير على الواقع السياسي اللبناني، والذي انتهى بما عرف باتفاق القاهرة عام 69 والذي سلّم لبنان لمنظمة التحرير الفلسطينية وأجاز لها استخدام الحدود الجنوبية في صراعها المسلح مع إسرائيل. أحدث اتفاق القاهرة شرخا كبيرا في البنية المجتمعية والسياسية في لبنان، إذ أيّد المسلمون اتفاق القاهرة وعارضه المسيحيون. وتعاظم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان واتسع ليشمل الأحزاب اللبنانية التي تعسكرت أيضا، وصولا إلى أبريل من عام 1975 واندلاع النزاع الأهلي المسلح في لبنان. تعاظمت الأحداث الأمنية وعمت الفوضى، وبدأ الحديث عن توطين الفلسطينيين وعملية الوطن البديل. فكان دخول الجيش السوري إلى لبنان في عام 76 والذي أنتج واقعا سياسيا جديدا أصبحت فيه المجموعات المسلحة في لبنان خاضعة للسوريين والفلسطينيين ومعهم التدخل العراقي وانتقال صراع البعثَيْن السوري والعراقي إلى لبنان. وأصبح لبنان ساحة نزاعات إقليمية ودولية وإحدى النقاط الساخنة فيما عرف بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي آنذاك وأميركا وحلفائها. كانت إسرائيل موجودة دائما عبر طيرانها كونها معنية بالصراع الدائر في لبنان وعلى حدودها الشمالية، إلى أن قررت إسرائيل احتلال لبنان وإخراج منظمة التحرير وذلك في عام 82 واحتلت بيروت وركب الفلسطينيون البواخر إلى تونس واليمن، وانتخب بشير الجميل رئيسا ثم اغتيل بعد 20 يوما، فانتخب شقيقه أمين، وبدأ في لبنان ما يشبه عودة الدولة بعد انكفاء الجيش السوري إلى البقاع. بعد الخروج الفلسطيني من لبنان رفضت إسرائيل الانسحاب، وبدأت عملية ما عرف بالمقاومة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي. ثم ما لبثت أن توقفت تلك المقاومة بقرار من سورية، وحُصر الصراع مع إسرائيل بحزب الله الذراع المباشر لإيران. وبدأ لبنان مرحلة جديدة من الصراع، وأصبح جنوبه ساحة مباحة لإسرائيل وإيران. حاولت المملكة العربية السعودية منذ ذلك الحين تقديم المساعدة كي يستعيد لبنان وحدته ودوره من خلال مبادرات عديدة مباشرة وبالتعاون مع بعض الدول العربية. فقد ساعدت في إقامة الحوار الأول في جنيف ولوزان في عام 84 بين الفرقاء اللبنانيين، وبحضور سعودي مباشر، ثم من خلال القمة العربية في تونس وتشكيل اللجنة السداسية عام 89، وبعدها قمة المغرب وتشكيل لجنة عليا من الملك فهد والملك الحسن الثاني والرئيس الشاذلي بن جديد. ثم بادرت السعودية أيضا بالدعوة إلى مؤتمر الطائف في عام 89 والذي أنهى الحرب اللبنانية وأسس للسلم الأهلي وإعادة الإعمار. بعد توقيع اتفاق الطائف بدأ لبنان يعيش حالة من الثنائية المتمثلة في هويته العربية التي تجسدت من خلال عملية الإعمار والنهوض والازدهار في بيروت وكل لبنان، بدعم سعودي خليجي عبر رئيس الحكومة رفيق الحريري، وأصبحت الهوية اللبنانية العربية محل تقدير العالم بأسره، إذ تجسّد الحداثة والعمل والنجاح بصورة واضحة، وكانت هناك صورة لبنانية أخرى متمثلة في إيران وحزب الله. في عام 2000 انسحبت إسرائيل من الجنوب وبدأ الحديث عن انتصار المقاومة الإيرانية. ولاقى ذلك صدى في أكثر من بلد عربي، وأصبح لبنان يعيش عذابات ازدواجية، وهي هل تستوعب دولة الإعمار في لبنان المقاومة أم تقضي المقاومة على دولة لبنان؟ وجاء اغتيال رفيق الحريري والخروج السوري من لبنان وما تبعه من اغتيالات وعذابات، ثم حرب 2006، ثم الاعتصامات والانتفاضات. ورغم ذلك بقيت إنجازات العرب في لبنان قادرة على مواجهة كل تلك التحديات الاقتصادية والمالية والأمنية، والتي تعاظمت بعد التورط اللبناني في النزاع السوري عبر حزب الله ومن ثم في العراق واليمن وغير مكان. إن ما يشهده لبنان هذه الأيام يبشر بعذابات جديدة، وذلك عبر تعرض القطاع المصرفي إلى الاغتيال، مما يعني خسارة لبنان ميزته الرئيسية التي بقيت صامدة على مدى عقود من النزاعات الطويلة، والتي أمّنت استمرارية الدولة وضمنت الاستثمارات العربية في لبنان وودائعها. إن هذا التطور قد يؤدي إلى تداعيات نقدية تطال 90% من الشعب اللبناني الذين يتقاضون أجورهم بالليرة اللبنانية. مما يعيدنا بالذاكرة إلى عذابات انهيار النقد، إذ تطور سعر الدولار من 3 ليرات في عام 83 إلى 3 آلاف ليرة للدولار الواحد في عام 92. يعيش اللبنانيون هذه الأيام حالة قلق شديد من التطورات الأمنية والنقدية والوجودية. فهل أمام لبنان الآن موجة جديدة من العذابات؟