كتب - محمد حافظ: واصل مهرجان "الملهم" الرمضاني الذي تنظمه مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية "راف" فعالياته لليوم السادس على التوالي وسط إقبال جماهيري كبير. تضمنت الليلة السادسة بالمهرجان، محاضرة بعنوان "خيركم.. خيركم لأهله.. وأنا خيركم لأهلي"، وتحدث فيها الدكتور حمود القشعان عميد كلية العلوم الاجتماعية بدولة الكويت والدكتور شافي الهاجري أستاذ الشريعة بجامعة قطر، وسط حشد جماهيري كبير في قاعة الشعلة بـ "اسباير". ركزت الندوة على ضرورة تطبيق منهج الشورى داخل الأسرة، وأن يكون للزوج حضور إيجابي في حياة أسرته وأولاده، والاقتداء بمنهج النبي في التعامل مع زوجاته وأهل بيته، مشدّدة على ضرورة أن تتسع دائرة البر داخل الأسرة لتشمل فئة الخدم، لأنهم يستحقون الزكاة والصدقات وكافة وجوه الإحسان. في بداية الندوة، تحدث الدكتور حمود القشعان عميد كلية العلوم الاجتماعية بدولة الكويت عن الجانب الأسري في حياة النبي، موضحاً أن السيدة خديجة كانت بمثابة أول وزير للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تكن مجرد زوجة له، وأهدرت كثيراً من مكانتها بين قومها من أجل الدفاع عن النبي ورسالته. وأضاف إن السيدة خديجة ضربت المثل للزوجة المسلمة التي تدافع عن زوجها وتؤمن برسالته، وتقف إلى جواره، منوهاً بأن السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق كانت هي الأخرى محل تقدير للنبي ولم يكن يخفي محبته لها. وقال إن العلاقات الزوجية في عمومها تكتسب قوة وتماسكاً بمرور الوقت، وأن المرأة بحاجة إلى الأمان بينما يحتاج الرجل إلى التقدير والاحترام. وأكد أن النبي لم يكن منشغلاً بإدارته للدولة عن البيت النبوي، وأنه كان يصطحب زوجاته معه في السفر من أجل رعايتهن، والإحسان إليهن، منوهاً بأن الإنسان إذا حمل همومه إلى بلاد السفر فإن هذه الهموم لن تجعله يبرح مكانه، وأن السياحة في السفر يجب أن تكون لعبادة الله، وهو ما كان النبي يقوم به مع زوجاته. وفيما يتعلق بمحور المرأة في حياة الزوج، وكيف كان النبي يتعامل مع زوجاته قال القشعان "إن علماء النفس يقولون إن المشاركة بين الزوجين قد تصل إلى مرحلة التفاهم بدون حوار، وأن تكون العيون لغة التفاهم المشتركة في العلاقة التكاملية"، منوهاً بأن هناك قرارات داخل البيت لا بد أن تكون مسؤولية الزوجة. ودعا إلى ضرورة التخلي عن صراع القوى بين الزوجين، ومحاولات كل منهما تكسير الآخر، وهدم الأسرة، موضحاً أن التنازل في مثل هذه الحالات ليس ضعفاً لتجاوز ما قد يحدث من مشكلات، وإنما هو من شيم الكبار. وتابع: النبي كان يعطي زوجاته حقهن في المشاركة وإبداء الرأي ولم يكن مستبداً برأي، وسبق أن استشار زوجتيه "خديجة وأم سلمة"، كلما كانت الابتسامة حاضرة في البيت زاد التواصل والتراحم والمودة، وكلما زادت مساحة التهجم زادت المشكلات والتوتر، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة استثمار الوقت في التواجد مع الأهل، والتواصل معهم، وخلق أجواء من الفرحة خصوصاً في شهر رمضان الكريم الذي يجب استثماره جيداً في تحقيق التواصل العائلي. وأكد أن حاجة الأهل ليست كلها مادية، وإنما إيمانية في جزء كبير منها، وأن النبي كان في حاجة أهله يذكرهم بأوقات الصلاة وما يجب عليهم فعله من واجبات دينية، مضيفاً: إن "القوامة" تتحقق حينما يكون المرء في حاجة أهله المادية والإيمانية، وإذا توافرت هذه الأمور استقرّت الأسرة. وقال إن انشغال الزوج يزيد من وساوس الزوجة، ويغذي البعد العاطفي عندها بما يؤدّي إلى زيادة حدّة هذه الوساوس كلما زاد لديها البعد العاطفي. وانتقل للحديث عن جانب إنساني آخر داخل البيت يجب أن يسود وهو التعامل مع "الخدم" خاصة في المجتمع الخليجي، وقال: في بيوتنا خدم، ويجب أن يلتمس المنهج النبوي في التعامل مع هذه الفئة، وأن نربأ بأنفسنا عن إرهاقهم ومحاولات كسر إرادتهم، وواجبنا أن نرفق بهم، وأن نكرمهم. بدوره تحدث الدكتور شافي الهاجري أستاذ الشريعة في جامعة قطر عن أن حديث النبي صلي الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله.. وأنا خيركم لأهلي"، يعطي قيمة معنوية وأخلاقية، في تعامله مع الأهل، موضحاً أن الجانب المعنوي هو أساسي في حياة الزوجين، ولا يمكن أن يكون الإنسان سمحاً ودوداً مبتسماً مع أصدقائه وزملائه، بينما يكون إنساناً آخر داخل بيته، مشدداً على ضرورة أن يكون الإنسان ليناً عطوفاً ودوداً مع أهل بيته، وأن يقتدي بالمنهج النبوي في هذا الجانب، موضحاً أن النبي أوصانا بالنساء خيراً، وأن من الصدقة أن يضع الزوجة اللقمة في فم زوجته، وأن نطبق هدي النبي في التعامل مع زوجاته. وتحدث عن محور المرأة في حياة النبي، موضحاً أن مكانتها كانت كبيرة، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطلب مشورة زوجاته، وأن السيدة خديجة هي أول من آمن برسالته، وهو شرف عظيم أن يكون أول من آمن برسالة النبي في تاريخ الإسلام امرأة، وقال: إن الأسرة وحدة تكاملية، ولا يجب أن يتخذ رب الأسرة قراراً دون الرجوع إلى الزوجة والأبناء، نظراً لأن هذه المؤسسة الأسرية تقوم علي الشراكة وهي أساس المجتمع والنواة الأولي له، موضحاً أن هذه المؤسسة هي التي تخرّج القادة والمفكرين والعباقرة والنخب والدعاة بهذه الأمة. وأكد أهمية تطبيق "الشورى" داخل الأسرة، انطلاقاً من أن النبي ربط الأسرة بمفهوم الشراكة، وأن يكون القرار جماعياً، وأخذ رأي الأبناء حتى لو كانوا صغاراً، لافتاً إلى أن أكبر المشاكل التي يعاني منها المجتمع ناجمة عن انعدام الحوار داخل الأسرة. وقال إن النبي كان يخلق أجواء من الدعابة والمرح داخل أسرته، وأنه كان المثل والقدوة، وأن حياته الأسرية كانت متوازنة ومنضبطة، وكان يمزح مع زوجاته ومع الصحابة، ولا يقول إلا الحق، مضيفاً: إن التعامل اللين هو أساس الألفة والمحبة بين الزوجين. ونصح بأن نلتمس المنهج النبوي في التعامل مع زوجاته وأهله وعلاقته بهم، وكيف كانت للمرأة والأسرة قيمة في حياة خاتم المرسلين. وفيما يتعلق بإمكانية منح الزكاة للخدم المتواجدين بالبيوت، أوضح أن بعض الخدم العاملين بدول الخليج يقومون على رعاية قرى كاملة، وهم يستحقون الزكاة والصدقة والإحسان وغيرها من وجوه البر.