بالتوازي مع الأزمات الداخلية التي شهدتها مصر على مختلف الأصعدة خلال عامين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تورطت البلاد في أزمات إقليمية ودولية أدت بها إلى نتائج كارثية. ويعد ملف سد النهضة الإثيوبي أبرز الأزمات التي فشلت مصر في إدارتها خلال العامين الماضيين، فبدلا من أن تكرس دبلوماسية السيسي جهودها في الوصول إلى اتفاق مع أديس أبابا يحفظ حق القاهرة في حصتها من مياه النيل والتي ستنخفض بعد تشغيل السد، كانت الجهود تسير عكس الصالح المصري. ففي مارس/آذار 2015 وقع السيسي على وثيقة إعلان المبادئ التي بموجبها تنازلت مصر عن حقوقها التاريخية في مياه النيل. ودخل المفاوض المصري في سلسلة اجتماعات زادت عن العشرة مع الجانب الإثيوبي والسوداني خلال العامين الماضيين، لم تسفر عن زحزحة الأزمة، بل إن أديس أبابا أعلنت الشهر الماضي الانتهاء من 70% من إنشاءات السد، وهو ما قابلته القاهرة بالإعلان عن خطة لمواجهة العجز المائي. ملف سد النهضة الإثيوبي أبرز الأزمات التي فشلت مصر في إدارتها(الجزيرة) كارثة الطائرة من جهة أخرى بدا التعامل المصري مع سقوط طائرة روسية فيسيناء نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي -أقلعت من مطار شرم الشيخ الدولي وراح ضحيتها 224 روسيا- غير مدرك لمستوى الكارثة، فاعتبر مسؤولو النظام ووسائل الإعلام الموالية للسلطة الحادث مؤامرة على البلاد من جانب دول معادية. ولم تعقد الحكومة المصرية مؤتمرا صحفيا عن الحادث إلا بعد أسبوع كامل من وقوعه، ولم يتضمن سوى محاولة إزاحة المسؤولية عن القاهرة. وفي المقابل نشرت وسائل إعلام عالمية شهادات أجانب تعرضوا لابتزاز من قبل رجال الأمن في المطارات المصرية لتمرير الحقائب دون تفتيش، وهو ما ثبت بمراجعة كاميرات المراقبة. وأمام ذلك خسرت مصر الثقة الدولية في إجراءاتها التأمينية، مما ظهر في وصول وفود أمنية من دول عدة إلى شرم الشيخ لمراجعة تأمينات المطار. ومنعت لندن وموسكو مواطنيها من السفر إلى شرم الشيخ، وأجلت رعاياها من المدينة دون حقائب سفرهم، مما عد ضربة موجعة للسياحة، فأعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء انخفاض أعداد السائحين خلالأبريل/نيسان الماضي بنسبة 54% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. مقتل سياح وقبل سقوط الطائرة بأقل من شهرين، استهدفت قوات مشتركة من الجيش والشرطة بقصف جوي فوجا سياحيا يضم مصريين ومكسيكيين أثناء زيارتهم منطقة الواحات غرب مصر، مما أدى إلى مقتل 12 منهم -بينهم ثمانية مكسيكيين- وإصابة عشرة آخرين. وبررت وزارة الداخلية الحادث بتوغل السائحين في منطقة محظورة، وأن الفوج لم يحصل على التصاريح اللازمة للخروج في رحلة سفاري. ولكن اتحاد المرشدين السياحيين المصريين أكد علم الجيش بخط سير الرحلة، وأوضح ناجون من الحادث عدم وجود إشارات تدل على حظر التواجد في المنطقة. ودفعت القاهرة 420 ألف دولار إلى أسر الضحايا المكسيكيين نظير التنازل عن أي إجراء قضائي. ريجيني قتل في القاهرة وأثارت قضيته أزمة كبيرة(الجزيرة) قضية ريجيني في 25يناير/كانون الثاني الماضي اختفى الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي كان بالقاهرة لاستكمال أبحاث خاصة برسالة الدكتوراه، وبعد أيام وجدت جثته ملقاة في صحراء مدينة 6 أكتوبر وبها آثار تعذيب شديدة. وتأزم الأمر باستدعاء إيطاليا سفيرها لدى القاهرة للتشاور بعدما أوقفت التعاون مع مصر في التحقيق، لرفضها تسليم ما يوفر الأدلة في القضية. ولما ندد البرلمان الأوروبي بالحادثة، روج مقربون للسلطة أن عددا كبيرا من أعضاء البرلمان أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين. وحاول السيسي تجاوز الإخفاقات في إدارة الأزمات الدولية باللعب على المصالح المؤثرة على العلاقات بين الدول، وفق قول المحلل السياسي أسامة الهتيمي. وأضاف الهتيمي أن النظام وقع اتفاقيات مع دول لشراء أسلحة ومستلزمات لا يرى الشعب أن البلاد تحتاجها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها. من جانبه، أكد السفير السابق والخبير في الشأن الأفريقي بلال المصري فشل وزارة الخارجية في إدارة ملفات عملها على مدار عقود. وعن توقيع مصر وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة، أكد المصريأنها أدخلت بناء السد في طور الشرعية القانونية، بينما يغرق المفاوضون المصريون في مباحثات ميتة، حسب تعبيره.