مازلت أعتقد ان السياسة الخارجية السعودية تعمل بشكل نشط بدون إعلام مساند لتحركاتها المؤثرة، فالإعلام السياسي السعودي لم يسجل في تاريخه ان صنع مبادرة سياسية واحدة، أو قام بحملة اعلامية ناجحة لدعم سياستنا الخارجية، ومثال على سياستنا الناجحة بدون اعلام جميعنا يذكر ما قام به الامير سعود الفيصل من جهود قبل انطلاق مؤتمر جنيف 1 الخاص في سورية، ومنع ايران من حضور المؤتمر بعد ان تلقت دعوة من الامين العام للامم المتحدة لحضور المؤتمر، وكان لتلك الجهود السياسية تاثير بالغ الأثر على المؤتمرات التي جاءت بعد، واصبح مرجعا تمسكت به المعارضة السورية، ولكنه كان جهدا بلا اعلام، ما أدى لتجاوزه الى وقائع جديدة تخدم مصالح الخصم، فالاعلام الذي يمتلك منجزا سياسيا ويتورط في تسويقه في الدوائر المطلوب تسويقه فيها يعد اعلاما يحتاج لإعلام ليخلصه من هذه الورطة، وهذا ما يبرر اننا في سياستنا الخارجية لا نعتمد كثيرا على إعلامنا السعودي. نتذكر هذا في أثناء زيارة ولي ولي العهد الى واشنطن، التي من حيث التوقيت والتمثيل، تحمل دلالات ليست مهمة فقط بل جديدة في علاقة البلدين، فهذه الزيارة الاولى لشخصية مهمة سعودية بعد طرح رؤية 2030، ماذا يعني هذا؟ يعني اننا في واشنطن ومعنا تحديات كبيرة وافكار جديدة للتغلب عليها، رؤيتنا نحو المستقبل هي دليلنا السياسي الذي يحدد علاقتنا المستقبلية بدول العالم وخاصة الولايات المتحدة الاميركية على أكثر من صعيد.. هنا علينا القيام بتسويق التحديات كمصالح مشتركة، والفرص في هذا المقام كثيرة ومتنوعة، أول هذه التحديات هو صناعة الاستقرار في المنطقة على قاعدة بناء المصالح الآمنة والمستمرة، فطرح مهددات الاستقرار في المنطقة على الاعلام الاميركي، لم تحتج لعناء كبير بعد ان اصبحنا نمتلك حقائق قانونية كثيرة في أكثر من بلد في العالم على تورط طهران كنظام ودولة على بتهديد الاستقرار العالمي، والدليل ليس عربيا، بل من المحاكم الاميركية والكندية التي دانت طهران الدولة في دعمها للارهاب، ولا ننسى اننا في اطار طرح التحديات، وهنا يبرز مفهوم الارهاب الاسلامي والسني على وجه التحديد، وطهران بعيدة اعلاميا عن هذه التهمة بسبب اختلاف المذهب، والرد على مثل هذا الاعتراض او الاتهام، يكون ان الارهاب السني موجود ولكنه ارهاب فردي يدان به فرد او مجموعة ارهابية مشهورة على مستوى العالم ومجرمة كذلك على نفس المستوى، اما ارهاب طهران فهو إرهاب دولة تستخدم امكاناتها المالية والسياسية لتنفيذ عملياتها الارهابية، والدليل مازال ساخنا لم يبرد بعد وجاء بعد تمحيص قضائي اميركي وكندي عالي الدقة والحكم.. اللوبي السعودي في واشنطن امامه تحد محدد يتمثل في دفع قضية الارهاب عن دولته، الذي تعمل الدعاية الايرانية وبعض المرتزقة العرب على تسويقها في الاعلام الاميركي، فالمطلوب من اللوبي السعودي ان يقر بإرهاب الافراد السنة ويبرز عقوباته بفقه اهل السنة، وكذلك يجعل ادانة ارهاب الدول إدانة قانونية، أي تشكيل لجنة قانونية من عدة ناشطين من اكثر من بلد اسلامي لرفع قضايا على طهران في واشنطن واوروبا، هذا الطريق هو الوحيد الذي سوف يجعل اتهام الارهاب يكون قانونا وليس دعاية إعلام، وهذا ما يحتاج له الإسلام والمسلمون.