وجه الدكتور عبد اللطيف بخاري عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم نقدا لاذعا لرئيس الاتحاد أحمد عيد والأمين العام أحمد الخميس، معتبرا أنهما السبب الرئيسي في تعطيل كثير من المشاريع والاستحقاقات والخطط التطويرية، مما نتج عنه عدم قدرة الاتحاد في تجاوز نسبة 50 في المائة، كحد أقصى من النجاح في تطبيق ما وعد به الشارع الرياضي خلال حملته الانتخابية الماضية التي أسفرت عن فوزه. وقال بخاري في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن السنوات الثلاث الماضية كان بالإمكان من خلالها تحقيق كثير من الوعود وإنجاز النجاح بنسبة كبيرة، لكن للأسف كانت غالبية الوعود «أوهام» نتيجة ما يطبخ في الخفاء بين الرئيس والأمين العام. وشدد على أن العمل الإداري في اتحاد الكرة فشل فشلاً ذريعًا وذلك بسبب سوء الخطة الاستراتيجية التي لا أعتقد أن أحدًا قد فهم أبعادها، وكيف يمكن لنا تحقيق أهدافها بدليل عدم الاطلاع عليها حتى يومنا هذا. كما أن دور الجمعية العمومية ضعيف جدا، وكأن نبضها توقف تمامًا، فدورها كجهة رقابية وكجهة تشريعية مهمَّش تمامًا، وأصبح وجودهم كالمسرحية من أجل ذر الرماد في العيون. وأعتبر أن العقوبات المالية التي تُفرض على الأندية تعود إلى الجهل في الأنظمة واللوائح وعدم الوضوح في المهام والواجبات ما بين اتحاد الكرة والأندية. وتطرق إلى المنتخب السعودي الأولمبي تحديدًا بالقول إن قضيته فاشلة، فلا توجد أي تقارير صريحة وواضحة لعرضها ومناقشاتها بكل شفافية، مما قد يهدد مسيرة المنتخب الأول، الذي يستعد للمرحلة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018. عبد اللطيف بخاري عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة السعودي كشف الكثير من القضايا فكان الحوار التالي: * بعد مضي أكثر من 3 سنوات، كيف ترى نسبة نجاح مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم؟ - أعتقد أن هناك نسبة نجاحات تحققت خلال فترة عمل اتحاد الكرة، ولكن للأسف لم تكن بالشكل المأمول والمطلوب، وحتى نكون منصفين نقول إن نسبة النجاح لا تتعدى 50 في المائة، ولا أخفيك أن مشكلة مجلس إدارة الاتحاد في أمور تحدث وتطبخ في الخفاء، وأيضًا وجود بعض القرارات الفردية التي يتم اتخاذها ما بين رئيس الاتحاد والأمين العام، ولهما دور كبير في قضية تأخير كثير من القرارات وعدم تنفيذ المطلوب منها من قبل مجلس الإدارة. لعل آخر الأدلة على كلامي، «المهزلة» التي حصلت في قضية رابطة دوري المحترفين، وبعد أن تم تعيين المهندس عبد العزيز القرينيس ممثلاً للرابطة التي هي بالأساس تعتبر تحت مظلة اتحاد الكرة، وليس تحت مظلة الهيئة العامة للرياضة أو اللجنة الأولمبية، ولكن ما نشاهده أن هناك دورًا خفيًا يقوم به الأمين العام، في محاولة لترشيح نفسه لرئاسة الرابطة، والتأخر في القرارات وتعطيل نظام الرابطة. هناك عمل موجود ما بينه وبين ياسر المسحل، على مرأى ومسمع من قبل رئيس الاتحاد أحمد عيد، مما اضطر خلالها المهندس عبد العزيز القرينيس وسلمان القريني والدكتور خالد المقرن إلى الاعتذار عن العمل في ظل هذا الوضع، ورغم ذلك أقول إن أعضاء الاتحاد قدموا الكثير من الفكر والأطروحات والمبادرات، ولكن مع الأسف الشديد غالبيتها أصبح حبرًا على ورق وذلك بسبب التدخلات. الأمانة «تسوِّف» بشكل كبير في تنفيذ كثير من القرارات، إضافة إلى أن نائب رئيس الاتحاد محمد النويصر منذ استقالته من الرابطة لم يقدم شيئًا يُذكر، وهنالك علامة استفهام في دوره، ففي الأول كنا نتلمس له العذر عندما كان رئيسًا للرابطة، ولكن منذ تركه للرابطة دوره ما زال ضبابيا ولا نعرف الدور الذي يقوم به. * هل معنى كلامك أن مجلس إدارة الاتحاد الحالي فشل في مهمته، وهل ترى أن أعضاءه ليسوا على قلب واحد؟ - نعم، العمل الإداري في اتحاد الكرة فشل بدرجة كبيرة جدًا، ولكن هنالك كثيرًا من الأعضاء قدموا كثيرًا من الأطروحات والبرامج والأفكار والمبادرات، ومع الأسف الشديد فإن الكثير منها لم يُنفذ، ومما زاد الطين بلة أننا ما زلنا ننتظر مكافأة أعضاء اللجان التي تأخرت أكثر من اللازم، ولم يتم صرفها لأكثر من سنتين. كما أن هنالك علامة استفهام كبيرة جدًا، وهي: هل فعلاً هذه المكافآت حرم منها الجميع؟ وأنا على يقين أن الأمين العام وبعض مسؤولي الاتحاد قد تم صرف مكافآتهم وانتداباتهم أولا بأول، في حين أن بعض الأعضاء لم يتسلموها حتى يومنا هذا. * كيف ترى مسيرة المنتخب السعودي الأول وهو يستعد للتصفيات الأخيرة المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018؟ - في الحقيقة مسيرة المنتخب لا أعلم عنها أي شيء، ومثل هذه الأمور لا أتدخل فيها.. لا من قريب أو من بعيد، ولا أود إقحام نفسي في هذا المجال. والحقيقة أننا لا نعرف ماذا يحصل في أروقة المنتخب، إذ لا توجد أي تقارير صريحة وواضحة في إدارة المنتخب، وربما كان آخرها قضية فشل المنتخب السعودي الأولمبي، حيث طلبنا تقارير لعرضها ومناقشتها بكل شفافية، ولكن ما شاهدناه أن الموضوع أخذ بشكل بعيد كل البعد عن المنطقية والواقعية. * ما نصيحتك للرئيس القادم؟ - أتمنى أن تتوفر في الرئيس الجديد جميع المقومات، بمعنى أنه يمتلك القدرة على اتخاذ القرار، ويجب عليه الاستماع، وأن يتقي الله سبحانه وتعالى في عمله، وأن يختار الأعضاء المرشحين الذين يخدمون الوطن، بحيث لا تكون العملية عملية مجاملات فيأتي بصديقه أو صاحبه فتكون النتيجة أعضاء إدارة «تكملة عدد»، ويصبح التركيز على توزيع الابتسامات وملاحقة كاميرات القنوات الفضائية. أيضًا لابد أن يكون للرئيس الجديد أجندة واضحة، ويقوم بمراجعتها بين كل فترة وأخرى، أيضًا يجب عليه في كل اجتماع، وهذا ما نفقده في رياضتنا وفي اتحادنا الحالي، الاستماع إلى الشركاء الفعليين، مثلا الاجتماع مع مسؤولي الأندية ومسؤولي رياضة كرة القدم في الأندية الرياضية ومسؤولي الروابط التي تتعلق بكرة القدم، بمعنى أنه لا بد أن يكون القرار يبحث عن المصلحة العامة وليس مصلحة مجلس الإدارة فقط، وأن يكون له رؤية واضحة، وذلك من خلال إقناع الشركاء الرئيسين بالمشاركة في القرارات. * شهد هذا الموسم كثيرًا من العقوبات المالية التي فُرِضَت على الأندية، كيف نستطيع الحد منها؟ - هذه القضية تؤكد أن كلاً يغني على ليلاه، وبالتالي لا بد من الجلوس على طاولة واحدة والمعني بالأمر أي الاتحاد السعودي لكرة القدم وممثلي الأندية، فغالبًا العقوبات التي تفرض على الأندية مبنية على جهل بالأنظمة واللوائح، حتى إن العملية أصبحت غير واضحة وكلّ يسبح في بحر مختلف تمامًا عن الآخر، والاثنان يسيران في خطين متباعدين، وأقصد بذلك اتحاد الكرة والأندية حيث لا يوجد بينهما أي وضوح في الواجبات والمهام. وكان لا بد أن نعرف اللوائح والأنظمة ونفهمها وندركها، وأن نؤكد أن الهدف ليس وضع العقوبة وإنما الهدف كيفية جعل الأمور بشكل أفضل، وكيف نجعل العقوبة آخر الحلول، ولا نجعل العقوبات كأنها عصا نمسك ونهدد بها. * أصبح الحكم الأجنبي هو المستفيد الأول في حضور نهائيات المسابقات المحلية، كيف نستطيع إبعاد الحكام الأجانب ومنح الثقة للحكام السعوديين؟ - السر في هذا الجانب هو أن الحكم السعودي يقوم بتحكيم المباريات بين الأندية السعودية، ومن يعترض على وجود الحكام السعوديين، ومن يقول إنهم سيئون هم مسؤولو الأندية، وبالتالي بناء الحكم الهدف منه هو خدمة المملكة، وإذا لم نستطع ذلك، فإنه لا بد من أن نجلس على طاولة واحدة وأن نعرف الأخطاء التي يقع فيها الحكام؟ وكيف بالإمكان أن نخلق حكامًا يستطيعون تطوير مهاراتهم وقدراتهم التحكيمية بشكل واضح، وأن نسمع بكل شفافية ومصداقية، فإذا لم نستطع تطبيق هذه العوامل فالخاسر الأول والأخير هو الوطن. ومن أهم واجبات الاتحاد أن يكون قادرًا، ليس على خلق منتخب فقط، وإنما على خلق جميع الكوادر، وللأمانة نحن اليوم لسنا قادرين على تصدير حكام جيدين تصدير مدربين جيدين، وحتى هذه اللحظة الثقة مزعزعة بهؤلاء لأنه ليس هناك سماع للصوت الآخر. وسبق أن تحدثنا في هذا الموضوع وبُحَّت أصواتنا، فلا بد أن نتعامل مع الناس كشركاء وليس كأُجَراء، سواء أكانوا حكامًا أو مدربين أو أندية، فلا بد أن يكونوا معنا في التطوير، وحتى نكون منصفين، فإن مجلس الإدارة لم يجلس مع الحكام أو المدريين أو الأندية في القضايا التي تخصهم من أجل مناقشتها، وكأننا نشتغل مع «أطفال» نرسم لهم مستقبلهم ونقول لهم هذا خطأ وهذا صواب، دون الاستماع لهم. * من المسؤول عن خروج الأندية من دوري أبطال آسيا، وهل سيؤثر هذا الخروج على مسيرة المنتخب السعودي في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم؟ - أعتقد أن لدينا مشكلة أساسية في بناء الرياضة، لأن كل مسؤول أو عضو يعمل لوحده بعيدًا عن العمل الجماعي المؤسس ولذلك المنتخب هو في الأساس يدعم من قبل الأندية، وإذا لم نقف مع الأندية فلن يكون لدينا منتخب قوي، ومشكلتنا فقط هي أننا نبحث عن الأندية من أجل المنتخب فقط، فتصبح قضية اللاعبين ما بين شد وجذب بين إدارات الأندية وإدارة المنتخب بقضية لاعب معين حتى تصبح المصالح الشخصية تطغى على حساب المنتخب، والحقيقة أننا ندور في دائرة فارغة، ولن نتقدم خطوة واحدة كون كل منا يرى أنه على حق، وهو الصواب، والآخر على خطأ. * ما آخر مستجدات الاستراتيجية التي وضعها الاتحاد السعودي لكرة القدم لتطوير رياضة كرة القدم؟ - للأسف، وأقولها بكل مرارة، نحن وضعنا خطة استراتيجية وتمت الموافقة عليها، ولكن حتى يومنا هذا لم يتم الاطلاع على هذه الاستراتيجية، وأتحدى أن يفهم أحد هذه الخطة، وللمعلومية، اطلعنا على كثير من تجارب دول العالم، وعملنا وبحثنا وحللنا البيئة الداخلية، وعلى ضوء معطياتنا وتوصياتنا وخصوصياتنا تم بناء وضع معين للاستراتيجية، وذلك من أجل التطوير، ولم نأتِ بشيء من عندنا فهو ليس باختراع، وكل الدول عملت وتطورت وفق استراتيجيتها الخاصة، ولكن من جانب اتحاد الكرة للأسف لم نجد شركاءنا الذين نعتمد عليهم من أجل مرحلة البناء، وحتى هذه اللحظة لا نعرفهم، فالرابطة والأندية تعمل في جانب مستقل تمامًا، واتحاد الكرة هو الآخر يعمل لوحده وتصور أن بعض اللجان تسير في طريق لا يعرف عنه مجلس الإدارة أي شيء. * أنت أكثر عضو ينتقد عمل اتحاد الكرة، وهذا يؤكد وجود خلل كبير. في اعتقادك، من المسؤول عن هذا الخلل؟ - الخلل في المنظومة نفسها كلها وبكل أمانة أرى أن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يعرف استراتيجيته، ولا يعمل إلا في حالات رد الفعل كما أن دور الجمعية العمومية في الاتحاد السعودي لكرة القدم ضعيف جدًا جدًا، ومهمش، وأعتبره كمسرحية موجودة من أجل ذر الرماد في العيون، وواقعها ودورها كلجنة رقابية وكجهة تشريعية فلا يوجد أي آلية. إذا كان هنالك اختيار فلا بد أن يكون وفق أسس ومعايير محددة، ولا تكون العملية من أجل خاطر أناس، خصوصًا وهم الذين يتصدرون المشهد بابتساماتهم الصفراء فهؤلاء هم الغالبية وإنما العمل لا بد أن يكون من أجل الوطن، ولكن للأسف لا يوجد أي إحساس. * أنت أشرتَ في تصريح سابق لك إلى أن الديون والقروض والإخفاق في الإنجازات وتدني المستوى الفني وكثرة إلغاء عقود المدربين، كلها مؤشرات على أن هناك تخبطات من إدارات الأندية وغياب الرقابة. - نعم، قلتُ هذا الكلام وأؤكده مرة أخرى؛ إن النادي الذي لا يستطيع أن يعمل خلال سنة موازنة معينة، فالرياضة لدينا قائمة على «صدقات» أعضاء الشرف بنسبة 45 في المائة، فكيف بمؤسسة رياضية تعمل موازنة نصفها مجهولة المصادر كمثال عضو شرف إذا أحب رئيس نادٍ دعمه وإذا ترك هذا الرئيس ناديه أوقف الدعم، وبالتالي طبيعي جدا أن نشاهد كل الأندية السعودية كبيرها وصغيرها غارقة في الديون، لأن الحقيقة تقول إن ميزانيتها قائمة على أمزجة أعضاء الشرف الداعمين. هنالك الكثير من أعضاء الشرف لنادٍ معين يجتمعون ونسمع الأرقام تنهال، ولكن كل هذا حبر على ورق وتصبح القضية مجرد استعراض، ومن يقومون بالدعم غالبيتهم يفرضون شروطهم على رئيس مجلس إدارة كل نادٍ، فضلا عن تدخلاتهم في كل شيء حتى في التشكيلة التي يفترض أن تكون جزءًا مستقلاً عن الإدارة، إلا أننا نسمع كثيرًا تدخلات شرفيين لفرض نجوم هم من تكفلوا بصفقاتهم. وفي المقابل يشعر المسؤولون في الأندية بالحرج من هذه التصرفات، ويخشون رفضها، لأن ذلك سيؤدي إلى إيقاف الدعم المالي وحصل هذا الأمر كثيرًا في الفترة الأخيرة.