باريس: ميشال أبو نجم بينما تراوح المفاوضات الدائرة في جنيف منذ السبت الماضي بين وفدي النظام السوري والمعارضة مكانها، نبهت مصادر رسمية أوروبية إلى أن وصولها إلى طريق مسدود وفشل الجهود السياسية الدبلوماسية «سيعيدان طرح كل خيارات التحرك من غير استثناء»، دون أن يعني ذلك، بشكل آلي، اللجوء إلى العمل العسكري. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن في مونترو يوم الـ22 من الشهر الحالي أن الولايات المتحدة «تدرس عدة طرق للضغط على النظام السوري»، مشيرا إلى «جهود متوازية» تبذلها واشنطن إلى جانب الجهود الدبلوماسية وعلى رأسها زيادة الدعم للمعارضة حتى إبان المفاوضات. لكن كيري لم يفصح عن نوعية الدعم للمعارضة وما إذا كان يعني فقط العودة إلى إمدادها بالمعدات «غير القاتلة» التي أوقفت إيصالها للمعارضة بعد سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مخازن الجيش السوري الحر من الأسلحة في المناطق الحدودية المحاذية لتركيا. وترى المصادر الغربية أن هناك «مروحة واسعة» من الإجراءات العقابية التي يمكن أن تلجأ إليها الأسرة الدولية بحق النظام السوري في حال ثبت وبشكل حاسم أنه لا يريد الوصول إلى حل متفاوض عليه ولا الالتزام بخريطة الطريق التي تمخضت عن مؤتمر «جنيف1» صيف 2012. ومنذ اليوم، تحمل الدول الغربية والأخرى المنضوية تحت جناح «المجموعة الأساسية لأصدقاء الشعب السوري» النظام مسؤولية تعثر المفاوضات وربما فشلها، وهي ترى أن السبب الأول يعود لعدم تقيده بقواعد اللعبة التي من المفترض أن تتحكم بمجريات المفاوضات في جنيف، والتي تضمنتها رسالة الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الأطراف المعنية. وتؤكد هذه المصادر أنها «لم تفاجأ» بما حصل في مونترو وما يحصل حاليا في جنيف، لا لجهة طبيعة ما يقدمه وفد النظام من طروحات أو لجهة «الأسلوب الاستفزازي» الذي يستخدمه والذي تعتبر أن الغرض منه إحراج المعارضة. وأدانت وزارة الخارجية الفرنسية أمس «المناورات التأخيرية» التي يلجأ إليها وفد النظام على طاولة المفاوضات، وذلك في تعليق لها على «الورقة السياسية» المشكلة من خمس نقاط، التي قدمها أول من أمس. وتنص الورقة على مبادئ عامة مثل احترام سيادة سوريا واعتبارها «دولة ديمقراطية» ورفض التدخل الأجنبي و«الإملاء الخارجي» والاحتكام لصناديق الاقتراع ورفض ومكافحة الإرهاب والأفكار التكفيرية ومطالبة الدول بوقف مد المجموعات الإرهابية بالسلاح، وأخيرا الحفاظ على مؤسسات الدولة والنبى التحتية. وقال رومان نادال، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، إن باريس تعتبر أن «ورقة النظام لا تستجيب للهدف الذي حددته الأسرة الدولية من أجل تحقيق عملية الانتقال السياسية وأنه من الضروري من أجل نجاح المفاوضات البقاء داخل الإطار المرسوم، أي خريطة الطريق المنبثقة عن (جنيف1)». ودعت فرنسا إلى استمرار البحث في الإجراءات «الإنسانية» التي تندرج في إطار «تدابير الثقة» مثل إيصال المساعدات إلى مدينة حمص والسماح بخروج المحاصرين والتوصل إلى هدنات محلية من جهة، والسعي من جهة أخرى للتوصل إلى الحل السياسي. ولا تستبعد باريس أن يعود الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي الذي ترتبط به كل الإجراءات «القسرية» التي يمكن أن تتخذ في سوريا، ومنها على سبيل المثال إقامة الممرات الإنسانية المحمية دوليا لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.