على الأقل حتى بلوغنا حدود الرؤية الوطنية عام 2030 علينا أن نتوقف عن الهموم القومية والأممية ونتفرغ للهموم الوطنية. الابتعاد عن مشكلات إخواننا في كل مكان. لن تساعد الآخرين قبل أن تساعد نفسك ولن تساعد نفسك إذا لم تتفرغ لها قليلا. لا يمكن أن ندفع الشباب للعمل على بناء وطنهم وهم مشغولون بما يدور في العالم. شاب يحتسي قهوته في مقهى في الرياض. جديد على الحياة ومتطلع. لا يعرف ما تعنيه كلمة رؤية ولا يعرف معنى ضريبة ولا يعرف كيف تترجم اقتصاد السوق ولا يعرف معنى تخصيص، ولكنه يعرف إخواننا الرهانجة، وإخواننا في الفلوجة وإخواننا في تشاد. لا أريد ان أقول أن ننكفئ كدولة ومواطنين ولكن على المواطن العادي أن يكون مشغولا بنفسه. الهموم الدولية هي هموم الدولة، وزارة الخارجية وقليل من المثقفين المهتمين بالقضايا الثقافية والسياسية والعالمية. لماذا تصبح عقول شباب هذا البلد ملتقى طرق الاحداث الدولية؟ عندما تتابع الحوارات الدائرة بين السعوديين في تويتر تشعر أنك تتابع حوارا في رواق من أروقة الأمم المتحدة أو برلمانا أمميا. تتبعت الحوارات حول الرؤية. يكاد يقتصر المتحدثون عنها على طبقة المثقفين والاقتصاديين. لم الاحظ أيا من الشباب أن أشار لها أو اهتم بها. قد يكون هذا الشاب من المهتمين بالكورة أو الغناء أو المتع كحال الشباب في العالم ولكن الامر يبتعد عن هذه الحقيقة. ستلاحظ أن نفس الشاب يتابع ما يجري في الفلوجة وكأن الأمر على عتبة بابه، كأن الصراع في الفلوجة صراعه. به يتقرر مصيره. لا احد يطالب الشباب بالانخراط في القضايا المتخصصة ولكن لماذا نسمح لدعاة تسييس الجماهير بالاستيلاء على الشباب وتغريب عواطفهم ونقل اهتمامهم وأهدافهم إلى خارج بلادهم؟ القضايا السياسية الدولية هي أيضا متخصصة. الصراع في الصومال وتشاد وغيرها من الصراعات خارج الوطن من اهتمامات أصحاب الشأن فقط. قد يمر عليها الإنسان العادي مرور الكرام ويتعاطف دون الانخراط فيها كهم قومي أو أممي يعنيه كما يعنيه وطنه. سبق أن تحدثت في هذه الزاوية عن حملة (الراتب لا يكفي). كيف استطاع دعاة التسييس خلط المطالب المحلية مع الدعاوى الدولية؟ إذا حدث أن قدمت المملكة مساعدة لدولة أخرى لا تتفق مع اهداف دعاة التسييس ظهر هاشتاق (الراتب لا يكفي) فجأة، وجرى الحديث عن المساعدات تحت هذا الهاشتاق. إذا حدث أن غرق قارب يقل لاجئين هب دعاة التسييس الدولي إلى ترديد أين زعماء المسلمين عن هذه المأساة ودسوا كلمة الخلافة. ما الذي يعنيه مثل هذا النداء. لم يكتف هؤلاء بتغريب صغار السن عن اوطانهم بل أخذوا همومهم الشخصية ووظفوها للدفع بهم إلى مزيد من الاغتراب. ما الذي يعنيه أن يصبح رجل أجنبي كالقرضاوي أو الزنداني أو مرسي أبطالا في عيون صغار السن السعوديين ويستمعون لخطبهم كأنهم يستمعون لأغنية؟ نعيد انتاج جمال عبدالناصر بثياب دينية. كيف تستقيم هذه التناقضات مع الرؤية الوطنية. هدف الرؤية الوطنية بناء المملكة العربية السعودية فقط. وضع البلاد في طريق المستقبل. نبني اقتصادا خاصا بالمملكة ونبني جيشا خاصا بالمملكة ونبني ثقافة خاصة بالمملكة كيف يتسق هذا مع الدعوة للخلافة والحروب الدولية والانخراط المحموم في قضايا الآخرين؟ كيف ننطلق للمستقبل وثمة من ينازع البلاد على شبابها لتدويلهم؟ نقلا عن الرياض