دبي: «الشرق الأوسط» أقيم يوم الأحد الماضي، مؤتمر الجمعية التأسيسية لغرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع، بحضور رؤساء وممثلين عن 10 من القنوات المصرية. وتهدف الجمعية، بحسب المؤسسين، إلى إيجاد ميثاق شرف إعلامي لحماية الإعلام المصري، ليكون هو الحاكم والمنظم لصناعة الإعلام في مصر، وأيضاً تأسيس غرفة صناعة الإعلام لحماية الصناعة والمهنة. المشاركون في المؤتمر برروا «تجمعهم» وإطلاق «جمعيتهم» لحاجة القطاع في مصر إلى تكوين كيان قوي خاص بالقنوات الفضائية المصرية، بإمكانه التوحد تجاه القنوات الفضائية العربية العاملة في مصر والتي، وبحسب بعض المراقبين، ساهمت في انخفاض نسب المشاهدة لهذه القنوات لصالح القنوات العربية. الهجوم كان صريحا على الفضائيات العربية والبعض يعزو ذلك لوجود من يحاول في السوق الإعلامية المصرية استخدام الأحداث السياسية لتقليص فرص المنافسة التجارية، خاصة أن عدد القنوات الفضائية العربية العاملة في مصر يتجاوز المائة قناة. يذكر أن مصر، وبحسب تقرير أصدرته مجموعة المرشدين العرب قبل سنتين بعنوان «قنوات التلفزيون الفضائية في العالم العربي 2012»، كانت المقر الرئيس لـ21.6 في المائة من مجموع قنوات التلفزيون الفضائية العربية المجانية الـ565 العاملة كليا. وشهد المؤتمر، بحسب بعض المراقبين، محاولة من قبل العاملين في القطاع للاستئثار بسوق الإعلانات عبر توجيه انتقادات غير مباشرة إلى بعض القنوات العربية وبخاصة مجموعة «إم بي سي». هذا الانطباع السائد، خصوصاً في ظل الحملة المنظّمة التي تشنّها حالياً بعض الفضائيات المصرية ضد مؤسسات إعلامية سعودية ومحطّات رائدة في المنطقة، قد ينعكس سلباً. وفي هذا السياق، يتساءل عدد من الإعلاميين السعوديين: «هل يُعقل أن يقرّر بعضهم في مصر، وبعد سبعة أشهر من أهم وأوسع تعاون سعودي - مصري في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام وغيرها، شنّ الهجوم على المؤسسات الإعلامية السعودية، التي ساندت ثورة 30 يونيو، ثم وقفت بثبات في وجه الماكينة الإعلامية الضخمة لـ (جماعة الاخوان المسلمين)، ومنظومة الإعلام العربي المتحالفة معها، في مصر ودول الخليج والأردن، وغيرها؟». هذا التساؤل أخذ بُعداً إضافياً بعد مؤتمر القنوات الفضائية المصرية، الذي تخلّلته كلمات ومداخلات من أبرز القيّمين على قطاع الإعلام التلفزيوني في مصر، على مستوى الملاّك والتنفيذيين. وقد غمزت بعض تلك الكلمات والمداخلات في المؤتمر من قناة الإعلام السعودي، وتحاملت على دوره في مصر، وشكّكت في نواياه... كما تكلّمت عن «مؤامرة» لتجفيف مصادر التمويل الوحيدة لها، والمتمثلة في الإعلانات، ودعت إلى «وقفة» تضامنية، كما جاء على لسان علاء الكحكي، رئيس قنوات «النهار». وحول ما قيل عن الريبة المصرية المتزايدة من «تصاعُد نفوذ الإعلام السعودي» في مصر، قال الدكتور حسن عبد الفتاح، المتخصص في دراسة السوق الإعلامية المصرية: «المسألة ليست مقنعة، لأن المؤسسات السعودية أو اللبنانية أو غيرها لا تهدّد الإعلام المصري، ولا تزاحمه». وأضاف الدكتور عبد الفتاح: «نما الإعلام المصري، بشقّيْه العام والخاص، بشكل هائل بعد ثورة 25 فبراير، نتيجة ارتفاع سقف الحرية الذي سمح بظهور المزيد من المحطّات، بشكل غير مسبوق، ووسّع أفق الحوار والتواصُل. كما أن الدور المهم للقنوات العربية، مثل قناة (العربية) و(إم بي سي)، يكمُن في نجاحها بمواجهة حملات التوجيه والدعاية الضخمة من قبل محطات مثل (الجزيرة) القطرية و(تي أر تي) التركية، المعارضتين للتغيير الذي أسقط حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي. ولكن من حيث التفاصيل اليومية، تبقى المحطات المصرية الوجبة اليومية للمشاهدين المصريين، لذا فهي لا تواجه أي تهديد بسرقة مشاهديها من قبل المحطات العربية الأخرى». أما الذي أثار المزيد من التساؤل، فكان الظهور المفاجئ لعدد من التصريحات والمقالات التي طالت تحديداً قنوات «العربية» و«إم بي سي» و«إم بي سي مصر»، وغيرها من المؤسسات الإعلامية... والتي حذّرت شركات الإعلان العالمية، ومؤسسات الأبحاث وقياس نسب المشاهدة، من مغبة قيام أبرز المؤسسات الإعلامية المصرية بقطع التعاون معها. ولدى سؤال أحد أبرز التنفيذيين السعوديين في «مجموعة إم بي سي» عن رأيه في هذه الحملة المفاجئة، قال: «الحقيقة، صُدمنا من هذا الهجوم المركّز والذي لا نعرف بعد من يقف وراءه! لكننا نثق بأن أعمدة الإعلام المصري الخاص، والقيّمين على الإعلام العام، وعلى رأسهم وزيرة الإعلام، الدكتورة درية شرف الدين، يدركون الحقيقة كاملة. نحن لم نحقق مداخيل مالية في مصر، بل العكس تماماً، نحن ننفق مبالغ ضخمة.. و«كعكعة» الإعلان في مصر تُعتبر صغيرة نسبياً مقارنة بالسوق الخليجي. أما وجودنا في مصر، فله دافعان أساسيان: الأول، التواصل مع نحو سبعين مليون مشاهد، سيّما أن (إم بي سي) هي من أكثر القنوات مشاهدة في كافة أنحاء العالم العربي. أما الدافع الثاني، فيكمُن في رغبتنا في الاستفادة من السوق المصرية، ليس مادياً كما يقال، بل من خلال شراكات إعلامية وإنتاجية في مصر، على غرار ما فعلنا في بقية الدول العربية. هذا كان، ولا يزال، دورنا كمؤسسة إعلامية عربية ساهمت في نشر الانتاج المصري في أنحاء العالم العربي.. ناهيك عن أن هذه الشراكات تساعد في تعزيز المنتجات التلفزيونية المصرية من دراما وبرامج وأخبار وغيرها». الجدير بالذكر، أنه في عهد الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وفي الفترة الممتدّة بين الأول من يوليو(تموز) 2012 ولغاية 3 يوليو 2013، قامت حكومة «الاخوان» بشنّ حملة شرسة ضد الإعلام، مهدّدةً محطات إعلامية، ومنها «إم بي سي»، بوقف نشاطها في مصر.. إضافة الى حصار مقرّات الصحف، ومدينة الإنتاج الإعلامي.. فضلاً عما وصفه بعض المراقبين بالتضييق على الصحافيين، والتكفير الديني والسياسي للأصوات المخالفة العائدة للمؤسسات الإعلامية المصرية والعربية في القاهرة. أما بعد سقوط حكومة «الاخوان»، فاحتدمت معركة إعلامية كبيرة بين مؤيدي مرسي ومعارضيه في الفضاء التلفزيوني العربي، حيث اختارت قنوات مثل «الجزيرة» مساندة «الاخوان»، فيما وقفت أُخرى مثل «العربية» و«إم بي سي» وغيرها، إلى جانب التغيير، بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي. وأمام هذا الموقف المبدئي الذي اتخذته القنوات الفضائية السعودية، يتساءل أحد الإعلاميين السعوديين عن مغزى هذه الحملة التي تشن ضد الإعلام السعودي، وإن كان يجوز «معاقبته» وهو الذي «كان في الصفوف الأمامية لمؤازرة مصر وشعبها».