يضفي شهر رمضان المبارك نوعا من أنواع القرب الأسري، ويوحي ذلك للنفس لتستشعر السكينة بحلة الاجتماع العائلي وإن كان هذا الاجتماع في هذا الشهر لفترة وجيزة، إلا أن التعود على هذه السكينة يعطي الفرد فرصة لتعديل سلوكه نحو أسرته بإعطائهم المزيد من الوقت وقضاء أجمل الأوقات الأسرية وتحقيق السكن العائلي في النفس، ومما لا شك فيه مما يضفي المزيد من البهجة تعاون الجميع لتحقيق أكبر قدر من التعايش الأسري بالخصوص بعد يوم كامل من الصيام والقيام، وحتى من لا يقوم الليل فإن شهر رمضان يعطيه الفرصة للتعود على العادات الحميدة التي تصفي النية داخله للعودة للرشد الأسري بأي نوع من أنواعه. هذه الحالة التي تزيد يوما بعد يوم من الشوق إلى الإطار والاجتماع الأسري هي علاج للجفاء بين الأزواج والآباء والأبناء، بل قد يتم تصحيح الكثير من المشاكل الأسرية لقرب شهر رمضان وفي قدومه لوجود حالة الانصهار الأسري مقابل يوم شاق من تحمل مشاق الصيام ومحاربة النفس ولومها بشكل دائم لو صدر منها أدنى شيء يذكر، فالجميع حريصون على أن يتم الصيام دون أن يصيبهم خلل يبطله، ويعتمد الكثير على هدوء النفس وترويضها لنجاح الصيام والقيام، ويعمل الجميع على ابراء الذمة للأخوة والعائلة والأهل والأصدقاء، تعبيرًا عن الرغبة بأن يكون الصيام كاملاً وفي سبيل الله دون أي نقصان. هذه الحالة تؤجج في النفس معنى الانتماء وتعيد للذات هيبت التربع على عرش الاختيار، فيختار الفرد دومًا لنفسه العفو بالذات لما يحمله الشهر الفضيل من روح العفو والبركة، ولا يشك أحد أن قدوم شهر البركات هو بآثاره قبل معانيه، فشهر رمضان يضفي على الروح طاقة إيجابية نورانية مشتعلة طوال الشهر لتكون البنك الطاقي لإشعاع الروح طيلة لسنة ما بعد شهر رمضان، ولهي حقيقة بمجرد أن يصل الشهر المبارك تصل الطاقة الهائلة المجتمعة منه لروح المؤمن بنورانية تستمر وتتدفق وكلما تواصل الصيام بالطاعة والقيام زاد هذا الاتصال الطاقي ليضفي قوة العزم لدى المؤمن بالمزيد من الطاعات والعبادات مقبلا على الله بكل رغبة. كشفت دراسة بريطانية منذ عام 1998 وحتى 2007 قدمتها 160 طالبة في الجامعة لمرحلتين في 10 سنوات عن آثار شهر رمضان في الاستقرار الأسري على العوائل المسلمة في كل من بريطانيا وولايتين في أمريكا فكشفت أن حالات الطلاق تقل بنسبة 30% في بريطانيا و22% في ولاية و20% في ولاية أخرى، ما زاد على الدراسة أن مجموع الدولتين البريطانية والولايتين من غير المسلمين تقل نسبة الانفصال لديهم بنسبة 19%، ما يدلل على وجود الطاقة الإيجابية في شهر الله، وعليه فالدعوة مستمرة لاستثمار هذا الشهر الفضيل لتقوية العلاقة الأسرية والعائلية وتصحيح جميع السلوكيات غير المرضية، نحو سكن وسكينة أسرية، وبالفعل تستحق هذه الدراسة التأمل والتطوير، علما أن التجربة العملية في شهر رمضان تقل حالات الطلاق في كل دول الخليج العربي.