بعدما كانت الغلبة طوال السنوات الماضية في الدراما المصرية لمؤلفين وكتاب سيناريو من أجيال مختلفة مثل وحيد حامد ومحفوظ عبدالرحمن ويسري الجندي ومحمد جلال عبدالقوي ومصطفى محرم وبشير الديك وكرم النجار، مروراً بعاطف بشاي ومجدي صابر، وانتهاء بعبدالرحيم كمال ووليد يوسف وسماح الحريري ومحمد أمين راضي وآخرين، طفت على السطح هذا العام ظاهرة التأليف المشترك، وورش السيناريو التي يشارك فيها أكثر من شخص تحت اشراف مؤلف معروف. واللافت أن هذه الظاهرة كانت تقتصر على دراما «الستكوم» لكنها طاولت هذا العام مسلسلات عدد من كبار النجوم الذين يبدو أنهم وجدوا ضالتهم في أعمال يتولى كتابتها شباب جدد كنوع من تجديد الأفكار والمواضيع، بعيداً من الأفكار التقليدية التي تميزت بها أعمال الكبار، على رغم أنها محفورة في عقول الجمهور مقارنة بأعمال الشباب التي يصنفها البعض بأنها تشبه أكلات «التيك أواي». ويأتي في مقدم مسلسلات التأليف المشترك أو ورش السيناريو «راس الغول» لمحمود عبدالعزيز وميرفت أمين وفاروق الفيشاوي ولقاء الخميسي وإخراج أحمد سمير فرج، حيث شارك في كتابته وائل حمدي وشريف بدرالدين. وشارك أحمد محيي ومحمد محمدي وكوثر مصطفى في كتابة «المغني» لمحمد منير ورانيا فريد شوقي وميساء مغربي وإخراج شريف صبري. أما «فوق مستوى الشبهات» ليسرا ونجلاء بدر وشيرين رضا وإخراج هاني خليفة فكتبته ورشة سيناريو أشرفت عليها المؤلفة مريم نعوم وتكونت من عبدالله حسن وأمين جمال. وشارك أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين في كتابة الجزء السادس من «ليالي الحلمية» لإلهام شاهين وصفية العمري وهشام سليم ودرة وحنان شوقي وإخراج مجدي أبوعميرة. أما «نيللي وشريهان» لدنيا سمير غانم وشقيقتها إيمي ومحمود الجندي وسلوى خطاب وإخراج أحمد الجندي، فكتبته ورشة سيناريو مكونة من مصطفى صقر وكريم يوسف، وشاركت مريم نعوم مع وائل حمدي في كتابة «سقوط حر» لنيللي كريم ووفاء صادق وأحمد وفيق ومحمد فراج وإخراج شوقي الماجري. وعن هذه الظاهرة يقول المؤلف نادر خليفة إن كتابة السيناريو كانت حتى النصف الثاني من القرن الماضي غير معروفة الا لقلة يعلمون أسرارها ويجيدونها، وكان السائد لدى الجمهور أن المخرج يقوم بعمل كل شيء بعد تلقي الفكرة من أي مصدر، ومع إنشاء أكاديمية الفنون ومعهد السينما تعرف بعضهم على طبيعة حرفة كاتب السيناريو، ومع غزارة الإنتاج اضطر بعض هؤلاء لعمل ورش سيناريو كانت معروفة باسم كاتب السيناريو المشهور، وكان يهرع إليه كل من يجد في نفسه موهبة أو يحب تعلم المهنة. وكان من إيجابياتها تخريج كتاب جدد أخذوا الخبرة والتدريب المناسب الذي أهلهم للانطلاق الى سوق العمل بأعمال تخصهم، ومنهم من أسس ورشاً خاصة به. وفي شركات الإنتاج الكبيرة في السينما الأميركية تنتشر مشاركة أكثر من كاتب سيناريو في فيلم أو مسلسل، ولكن بنظام تقسيم العمل والتخصص وفق الموهبة، وكل فريق العمل يعمل تحت إشراف كاتب سيناريو كبير مسؤول في النهاية عن العمل. اما عندنا فيلجأ بعض الشركات إلى ورش الشباب للسيناريو لقلة أجورهم، على رغم أن بعض هذه الورش أفرزت للسوق عدداً من كتاب السيناريو الموهوبين. وأشار المخرج عبدالحي المطراوي إلى أنه حين يكون سعر النجم مرتفعاً فإنه يكون المسؤول الأول والأخير عن العمل، ويمارس الضغوط على المنتج والمخرج، ويتحكم في كل شيء وهو الذي يوجد ورش السيناريو بالشكل الذي يريده، لرغبته في تحريك العمل الفني كله وفقاً لرؤيته الخاصة. أما المؤلف والرئيس السابق للمركز القومي للسينما محمد عزيز، فيلفت إلى أن ورش السيناريو موجودة في العالم كله في شكل مقنن من خلال شركات الإنتاج الواعية، حيث يقدم الموضوع ليدخل لجنة ويصمم في شكل أمثل، ولكن لدينا يتم العمل بروح الهواة، لأن المؤلف كان وما زال هو العمود الفقري للسيناريو. وعلى رغم وجود تجارب ورش عديدة، سيظل العمل الذي يحمل بصمة المؤلف وشخصيته ورؤيته هو الأبقى، والدليل أن الأعمال التي قدمت أخيراً عن طريق ورش السيناريو لم تعلق بذهن المتفرج، مقارنة بأعمال أبرز الكتاب مثل أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد ومحمد صفاء عامر وغيرهم.