×
محافظة المنطقة الشرقية

صالح كامل: المسار الطبيعي للبنوك الإسلامية يجب أن يكون استثمارياً لا تجارياً

صورة الخبر

مسلسل سيلفي وفي موسمه الثاني، أعاد مناقشة مشكلة الطائفية، عبر علاقة الأبناء بأسرهم، وما يتلقونه من تعاليم أولية، والسرديات التاريخية التي تشكل أفهامهم، وتحدد هوياتهم، وتصنع لهم كينونات مستقلة عن الآخر، حد التنافر معه والصراع، في صورتها الأكثر تطرفا. الأولاد يأتون إلى الحياة صفحات بيضاء، دون أي خدوش، أو ألوان. هم لا يختارون ديانتهم ولا مذاهبهم ولا نسبهم. هنالك محددات بيولوجية واجتماعية وطائفية أكثر قوة وإكراها، تدمغ الفرد وتؤسس له المنهاج الذي يسير عليه، دون أن يكون قادرا على الاعتراض أو الموافقة. عندما يكبر الفرد ويصل إلى سن الرشد، ويبدأ يحتك مع الآخرين المختلفين عنه، ويرى ما حوله بشكل مختلف عن الذي اعتاد عليه، وتقدح حينها الأسئلة عن الذات والآخر والواقع المعقد.. حينها قد يدخل المرء مرحلة البحث والسؤال والتحقق، وأخذ خيارات ذاتية أكثر استقلالا عن المحيط. إلا أن هذا النوع من السؤال لا يطال عادة الإيمان العميق، أو السردية الرئيسة التي هي عماد الهوية التي تشكلت طوال سنوات خلت. إنما تبقى الأسئلة حول قضايا هامشية، بعضها يكون نتاج ما يتعرض له الإنسان من صعوبات، أو يعيشه من مشكلات، تتطلب البحث عن مخارج غير تقليدية لها. التسليمُ المطلق هو آفة التمذهب، وهو ما يجعل كل طائفة تنغلق على ذاتها، وترفض السؤال، وتواجه بعنفٍ أبناءها المتمردين، بذات القدر من القوة الذي تحاجج به خصومها. إن الطائفية لم تعد قضية هامشية يمكن أن تضمحل مع الزمن. بل إن نشوء المجاميع الإرهابية العابرة للحدود، والتي تعلن عن نفسها كتشكيلات طائفية تقوم على نفي الآخر، بل، وتهجيره وقتله، يتطلب خطوات أكثر عملانية وجرأة في مقاربة الموضوع الطائفي. المواعظ الأخلاقية والخطب الدينية، لن تحل مشكل الطائفية، بل هي اليوم جزء من الداء، فكثير من رجال الدين المتطرفين يحرضون بشكل مستمر ضد الآخر، ويصدرون فتاوى التكفير والقتل!. يضاف إلى ذلك خطاب التسامح الكاذب، وهو خطاب يدنس الآخر، في الوقت الذي ينزه فيه الذات. بمعنى، هو يقول إن المشكلة ليست لدي، فأنا مستنير، أقبل الآخر، إنما المشكلة في الآخر الذي يمعن في الشتم والكراهية. وهي الحيلة التسويقية التي لا تنطوي إلا على السذج والمغفلين. إن ما يحد من توحش الطائفية هو وجود نظام يجرم الطائفية، يكون أساسه الإنسان، بوصفه كيانا له احترامه وحرمته، لأي دين أو مذهب انتمى. الأنظمة هي ما يمكن أن تنظم العلاقة بين الأفراد والجماعات، فهي التي تحافظ على الأفراد من الاعتداء اللفظي أو المادي وحتى المعنوي، وتحاسب وتحاكم أي جهة تطلق خطابات تحض على الكراهية أو العنصرية أو القتل، مهما كان لهذه الجهة من مكانة أو نفوذ. لقد أضحكنا وأحزننا في ذات الوقت مسلسل سيلفي على واقع الطائفية في مجتمعاتنا. وهو وإن أشار بصراحة إلى المرض دون مواربة، فإن الواقع لن يتغير، ما لم تكن هنالك مبادرات حقيقية تقوم دون مجاملة لأي فرد أو طائفة، لأن سلامة الأوطان مقدمة على أي شيء آخر!. hasan.almustafa@gmail.com