×
محافظة المنطقة الشرقية

بالصور.. 800 شاب مكي يبرون جراح المعتمرين ويدفعون عربات المرضى بالحرم

صورة الخبر

رغم أن قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينفون تماماً سعيهم للتصعيد مع روسيا، ويؤكدون أن ما يتخذونه من خطوات هي لضمان أمن حلفائهم في مواجهة التهديدات الروسية، إلا أن التطورات على الساحة الأوروبية تشير إلى عودة أوروبا، خاصة شرقها، إلى لهيب المواجهة بين الناتو وروسيا. يتم ذلك في ظل سعي الولايات المتحدة للحفاظ على مكتسبات انتصارها في الحرب الباردة، وتمدد نفوذها بعد تراجع النفوذ الروسي في أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي، وعرقلة العودة القوية لموسكو كفاعل دولي وإقليمي لا يمكن تجاوزه أو المساس بدوائر أمنه القومي ومصالحه في أوروبا، في وقت تعتبر فيه موسكو نفسها المعني الأساسي بالأمن والاستقرار الأوروبي باعتبار روسيا جزءا من أوروبا وامتدادا طبيعيا لها. في هذا السياق أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مطلع شهر أبريل أن على الولايات المتحدة أن تعير اهتماما أكبر لمسائل الدفاع عن أوروبا لمواجهة سياسة روسيا العدوانية، على حد تعبيره. وفشل اجتماع مجلس روسيا - الناتو، الذي يضم دول حلف الأطلسي وروسيا، في العشرين من شهر أبريل الماضي، والذي كان الأول بعد قطيعة دامت أكثر من عامين على خلفية الأزمة الأوكرانية، في تهدئة المخاوف الأمريكية. ودعا المجلس البرلماني لحلف الناتو، في الثلاثين من مايو، الدول الأعضاء في الحلف إلى الاستعداد للرد على التهديد المحتمل الذي يمثله العدوان الروسي. ولا يقف الأمر عند حد التصريحات من جانب قادة الحلف، فقد بدأ الأخير في اتخاذ حزمة من الإجراءات في مواجهة موسكو. أولها، تعزيز التواجد العسكري على الحدود مع روسيا من خلال إقامة بنية عسكرية أطلق عليها رأس الرمح لمواجهة ما يعتبره تهديداً روسياً، تتضمن قوات بحرية وجوية وبرية ووحدات مهمات خاصة بإجمالي 30-40 ألف جندي تندرج تحت ستة مقار قيادة في بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا. هذا إلى جانب ما يسمى بقوات المبادرة وهي قوات تدخل سريع تابعة للحلف قادرة على الانتشار والعمل خلال 48 ساعة عند الحاجة وتضم حوالي 5 آلاف عسكري. وأربع كتائب بإجمالي 4000 جندي يتم نشرها في بولندا وجمهوريات البلطيق الثلاث (ليتوانيا ولاتفيا واستونيا) التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي وانضمت إلى الناتو عام 2004، للتصدي لسلوك روسيا العدواني. وهو ما تعتبره روسيا خرقاً للوثيقة التأسيسية روسيا - الناتو التي تم إبرامها في باريس عام 1997، وتنص على ألا يقوم الحلف بالدفاع الجماعي عن أعضائه من خلال النشر المستمر لقواته القتالية في الدول المنضمة حديثاً له. يتزامن هذا مع مواصلة نشر الدرع الأمريكية المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية، بتشغيل النظام الصاروخي في رومانيا في 12 مايو، والذي تؤكد واشنطن أنه موجه ضد إيران وكوريا الشمالية، في حين ترى موسكو أن نشر الدرع الأمريكية على الحدود الروسية في بولندا والتشيك ورومانيا يستهدفها دون شك، وأن الحجج الأمريكية غير مقنعة خاصة بعد توقيع الاتفاق مع إيران. ثانيها، اتخاذ إجراءات من شأنها ضمان تواجد دائم وقوي للحلف في منطقة البلطيق في الشمال والبحر الأسود في الجنوب، لتطويق روسيا في أكثر المناطق حيوية بالنسبة لها. فقد بادر الحلف بإطلاق مشروع تأسيس أسطول بحري للناتو في البحر الأسود بعد تكرار دخول السفن التابعة للحلف البحر والمناورات التي أجراها به. هذا إلى جانب تكثيف المناورات التي يجريها الحلف بالقرب من الحدود الشمالية الغربية لروسيا في منطقة بحر البلطيق، في تحرش واضح بروسيا التي تعتبر البحر منطقة نفوذ أساسية لها. فقد وصلت مجموعة من قاذفات (B-52) الاستراتيجية الأمريكية القادرة على حمل القنابل النووية إلى بريطانيا مطلع الشهر الجاري للمشاركة في مناورات بالتوبس البحرية التي يجريها الحلف في بحر البلطيق خلال الفترة من 3 - 19 يونيو، ويشارك فيها 6 آلاف مقاتل من 15 دولة، وفي أواخر شهر مايو بدأت مناورات ضربة السيف البرية للناتو التي يشارك فيها 10 آلاف جندي من 13 دولة، ومن المخطط أن تستمر حتى 22 من الشهر الجاري. سبق هذا مناورات عاصفة الربيع التي أجراها الحلف الشهر الماضي في إستونيا على مقربة من الحدود الروسية، بمشاركة 6 آلاف عسكري يمثلون 11 دولة، من بينها فنلندا والسويد، علماً بأن الدولتين غير أعضاء في الحلف. ثالثها، مواصلة تمدد الحلف وتوسيع عضويته للوقوف به على الحدود الروسية مباشرة ودون منطقة عازلة بين الطرفين، وعلى النحو الذي يجعل موسكو في مرمى نيران الحلف المباشرة. ففي 19 مايو/أيار تم توقيع البروتوكولات التمهيدية بين حلف الناتو وجمهورية الجبل الأسود لضم الأخيرة في صفوف الحلف، لتصبح الدولة ال 29 بين أعضائه في أول عملية توسع منذ عام 2009. كما تسعى الولايات المتحدة لضم فنلندا والسويد أيضا للحلف، إلى جانب ترك الباب مفتوحاً لانضمام جورجيا وأوكرانيا. إزاء كل هذه الخطوات كان طبيعياً أن تصعد روسيا من لغة خطابها وإجراءاتها هي الأخرى، فأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستعدل خططها لإعادة تسليح الجيش بما يتناسب مع مستوى الخطر، في رد فعل لنشر الدرع الصاروخي الأمريكي في رومانيا، معتبراً أن هذه المنظومة ليست دفاعية على الإطلاق، بل هي جزء من القدرات الاستراتيجية النووية للولايات المتحدة تم نقله إلى أوروبا الشرقية، وتوعد بوتين بتصويب الصواريخ الروسية نحو رومانيا وبولندا. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن موسكو ستتخذ كل الخطوات اللازمة للرد على التهديدات والأخطار التي تواجه أمن روسيا القومي. وأنه في حال قررت السويد الانضمام إلى الناتو، فإننا سنضطر إلى اتخاذ الإجراءات التقنية العسكرية اللازمة على حدودنا الشمالية، وقد يتضمن ذلك نشر المزيد من المنظومات الصاروخية اسكندر-ام وتجهيز السفن والغواصات في أسطول بحر البلطيق بصواريخ كاليبر. كما قامت موسكو بتعزيز القوات الروسية على المحور الغربي وتكثيف وجودها العسكري في كالينينجراد الروسية التي تمثل جيبا ممتدا في العمق الأوروبي وفي منطقة البلطيق، من خلال نشر ثلاثة ألوية مجهزة بالكامل في المنطقة، ومنظومات إس-400، وصواريخ بالستية من طراز اسكندر-م. إنها حلقة مفرغة من التصعيد يدور فيها الناتو وروسيا، ويحبس الجميع، داخل أوروبا وخارجها، أنفاسهم مترقبين ما يمكن أن تؤدي إليه هذه الإجراءات التصعيدية، وفي الأذهان سؤال ملح حول مدى إمكانية كسر هذه الحلقة وبناء الثقة بين الطرفين، ومن أين تأتي الخطوة الأولى في هذا الصدد؟ أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة