ان كل ثقافات الدنيا تتأثر وتؤثر في منجزات ما تقوم به شعوبها ولذا فالانفتاح على ثقافة وحضارة منجزات شعوب العالم في التطور والازدهار واقع تقتضيه واجباتنا الوطنية في الاستفادة من منجزات الشعوب الاخرى في تقدمها العلمي والحضاري (!) وكان النبي الكريم يدعونا ان نستفيد من علوم ومنجزات ما قام به الآخر في اقصى الدنيا: قائلا (اطلبوا العلم ولو في الصين). وهذا يعني ان ننفتح على منجزات التقدم والازدهار لدى الشعوب الاخرى (! ) ان مبدأ الانفتاح على منجزات الآخر وفي الوصول الى ما وصل اليه الآخر من تقدم ثقافي وازدهار حضاري هو عين الحقيقة الاسلامية في الانفتاح على الآخر والاستفادة من حضارة الآخر بغض النظر عن عقيدة وديانة الآخر من واقع مبدئية الأديان كلها على وجه الارض أخوة متحابة متوادة (!) الا ان هذا الوعي الديني الحضاري الذي دعا اليه نبي المسلمين لا يستقيم عند الشيخ محمد صنقور الذي قال في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الجمعة الماضية (27 مايو 2016) حيال التوجه الوطني في فصل الدين عن السياسة ان قضية فصل الدين عن السياسة قضية تسربت للعالم الاسلامي من الموروث الثقافي الذي افرزه الصراع في اروبا في العصور الوسطى بين رجال الكنيسة وبين المثقفين الذين عرفوا بعد ذلك بالعلمانيين فكان شعار فصل الدين عن السياسة ردة فعل متطرفة تجاه الدين المسيحي نشأت من تطرف واستبداد رجال الكنيسة فبقدر تطرف واستبداد رجال الكنيسة واستبدادهم والمظالم الشنيعة التي اقترفوها كان تطرف المتضررين تجاه الدين المسيحي ثم ان هذا الشعار بعد ان كان مؤداه فصل الدين المسيحي عن السياسة قد تم تقويمه وتعيميه واخراجه في سياقه التاريخي وخلفياته الثقافية ليصبح شعارا يحمله كل من يخشى على مصالحه من الدين او يرى الدين عائقا او مباينا لرؤاه ويحمله كذلك المنبهرون بالانجازات التي احرزتها دول توهم هؤلاء ان منشأ احرازهم لهذه المنجزات هو تبني هذا الشعار وانه لا سبيل الى احراز ما احرزوه الا بتبني هذا الشعار وكان الموقف العدمي والمتطرف من الاسلام السياسي (الاخواني) ومن بعده الاسلام السياسي (الخميني) هو التصدي الى ما يسمى بالافكار المستوردة وهم بذلك يتجنون على مبدئية جدلية الثقافة المشاعة في التأثير والتأثر لشعوب الارض... وذلك ما يؤدي الى بؤس الوعي في الموقف... فهم يا خذون كل ما أنتجته هذه الافكار الغربية وفي جملة من المنتوجات المادية والفكرية ومن مختلف متطلبات الحياة في المواصلات البحرية والارضية والجوية ويرفضون ما يسمى عندهم بالافكار المستوردة لماذا نخبئ رؤوسنا في الارض كالنعام ونحن في ازدل الأرذلين في التخلف قياسا الى تقدم اوروبا والغرب بشكل عام (!) نأكل من رغيد خبزهم ونتحاشى أفكارهم (!) ان فصل الدين عن السياسة كان دافعا ضروريا للنهضة والتقدم والازدها للدول الاروبية لماذا لا نتخذ منه مثالا واقعيا لتقدم وازدهار اوطاننا التي ترسف في مخلفات القرون الوسطى (!) صحيح أيها الشيخ صنقور ان الاسلام والقرآن يأمران بالعدل والمساواة ورعاية الحقوق والانتصار للمظلوم والحماية للضعفاء والفئات المسحوقة ولذا فان علينا وطنيا وانسانيا ان نحميه ونبعده عن السياسة وألاعيبها واكاذيبها واقاويلها فيما نعرفه ونراه ونشاهده من رجال دين (...) لا يتورعون في مواقفهم السياسية الاسلامية ان يصمتوا صموت الاموات تجاه التدخلات الايرانية الوقحة في الشأن الداخلي البحريني بل ويلزمون ذات الصمت المشبوه تجاه الاعمال الارهابية التي تقترف في ربوع مملكة البحرين أتدري أيها الشيخ صنقور ان ذلك وفي ذلك ما يعني استخدام الدين في المواقف السياسية لهذا الطرف او ذاك... ان فصل الدين عن السياسة يقطع دابر رجال الدين في استخدام الاسلام لأغراض سياسية طائفية مرتبطة بولاية الفقيه والتي لا تمت الى الوطنية بشيء (!) ان استخدام الدين في السياسة عبثية تؤهل المواقف السياسية المغرضة ضد النهوض بالوطن وفي الاستفادة من انجازات شعوب وامم نهضت بعد ان أخلت الدين من السياسة وأخلت السياسة من الدين (!) وليس الأمر في موقع حجة (...) تصور الشيخ صنقور بمقارنة ما كان عليه الاسلام في عهد الرسول والخلفاء الراشدين في مقتضى ارتباط الدين بالسياسة اقتضاء الضرورة كون الاسلام في بدء مكوناته الدينية الا ان الساسية في ماضيها وحاضرها فتنة الأديان كلها (!) وكم يغط الشيخ صنقور الدين في السياسة والسياسة في الدين غطا مستشهدا في ختام خطبة ماضي الاسلام قائلا: الم يكن الرسول (ص) يعلم ان ثمة من قد يوظف الاسلام لمآربه الخاصة؟ لماذا لا يدفعه ذلك للامر بعزل الاسلام عن الحياة والسياسة؟ دون ان يدري أو انه لا يريد ان يدري سياسيا ان السياسة في كل الأحوال سياسة فتنة في الدين: وقد قتل أبولؤلؤة المجوسي الفاروق (عمر) ضمن فتنة الدين في السياسة وقتل (علي) في المسجد على سجادة صلاته. فالسياسة في ماضيها وحاضرها هي فتنة في الدين وعلينا ان نجنب ديننا الحنيف عن فتن السياسة (!)