كانت الاجتماعات السنوية التي عقدتها مجموعة من أكبر شركات النفط في العالم مؤخراً أشبه بجلسات العلاج لهذا القطاع الذي يعاني من خطر وجودي. فالهدف الدولي الذي حددته قمة باريس العام الماضي لضبط الزيادة في درجات الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، يعني تقييد إنتاج الوقود الأحفوري في العقود القليلة القادمة. وشركات النفط لم تسو أوضاعها بعد انسجاماً مع مقتضيات هذا التوجه. وفي حال التزام الحكومات بتحقيق هذا الهدف، فسوف تجد شركات الوقود الأحفوري نفسها في مواجهة واحد من ثلاثة خيارات ملزمة تتلخص في البحث عن وسائل للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من منتجاتها، أو التحول إلى الطاقة المتجددة أو الخروج من قطاع الأعمال. وقد تمت مناقشة ذلك في الاجتماعات السنوية لشركات النفط بما في ذلك اكسون موبيل و رويال دوتش شل، من قبل المديرين التنفيذيين والمسهمين، لكن دون التوصل إلى نتيجة حاسمة. وتوحي الصورة الكلية للموقف أن الشركات الأوروبية بما في ذلك شل وتوتال، هي أكثر استعداداً لمواجهة تهديد تغير المناخ من منافساتها في الولايات المتحدة. ومع قبولها استنتاجات علماء المناخ، تريد كل من اكسون وشيفرون تأكيد أهمية أمن الطاقة والقدرة على تحمل التكاليف بدلاً من التركيز على الحد من الانبعاثات. وتلقى دعوات المستثمرين للشركات الأمريكية لتقييم مدى ملائمة عملياتها لمتطلبات التوافق مع هدف درجتين مئويتين، معارضة من مجالس إدارتها وتؤثر في تصويت المسهمين، وإن كانت تحظى بدعم قلة منهم. وقد بدأت شركات النفط الأوروبية الكبرى نشر وجهات نظرها حول المدى الذي يمكن أن تبلغه أضرار الالتزام بهذا التوجه، لكنها تبقى مترددة في استكشاف تأثيره في قراراتها الاستثمارية والأرباح في المستقبل. ونشرت نيتشر العام الماضي نماذج حسابية توضيحية لتبعات الالتزام بهدف درجتين، حيث بينت أن نحو ثلث احتياطيات العالم من النفط ونصف احتياطياته من الغاز يجب أن يبقى دون إحراق. وهذا لا يعني بالضرورة أن شركات النفط يجب أن تتخلى عن جميع قرارات الاستثمار في الإنتاج مستقبلاً. فالاحتياطات المختلفة تعني آفاق استثمار متفاوتة اعتماداً على تكاليف الإنتاج. وآفاق النمو في النفط الصخري في الولايات المتحدة تزيد على احتمالات النمو في الرمال النفطية في كندا. ورغم أن هذه الرسالة لا تجد أذاناً صاغية لدى المستثمرين وفرق الإدارة، تبقى فرص النمو مقيدة بعدد من الشروط التي توحي بأن الناتج سيكون في اتجاه تنازلي وليس تصاعدياً. وهناك خيار واحد أمام شركات النفط للهروب من تلك القيود، وهو أن توطد أنفسها للمشاركة في عمليات الطاقة البديلة. فشركة توتال التي لديها خطط طموحة للتنويع، حددت هدفاً يتمثل في أن تمثل الطاقة منخفضة الكربون 20 في المئة من أصولها بحلول عام 2035. لكن سنوات طويلة من المشاريع الفاشلة في الطاقة البديلة - مثل مبادرة ما بعد النفط - التي أطلقتها بريتش بتروليوم، تشير إلى أن هذا الهدف بعيد المنال.