جاء تقرير الأمم المتحدة صادما لدول التحالف العربي، فدول التحالف ذهبت وهي مسلحة بالقرار الدولي 2216، وكانت تستقي معلوماتها الاستطلاعية من عدة جهات دولية ويمنية، وكانت بعض الأهداف حيوية جدا، مثل مقرات عبدالملك الحوثي، ومقرات المخلوع علي صالح، لكن دول التحالف أعرضت عن هذه الأهداف، لغايات إنسانية، تتمثل بأن بعضهم استخدم المساجد ودور العبادة، وبعض التجمعات السكانية، وكان بالإمكان القيام بذلك بسهولة غير أن أخلاقيات الحرب وأخلاقيات المملكة جعلتها تعرض عن ذلك.إن ازدواجية تقرير الأمم المتحدة، تظهر فيه رائحة التسييس المتعمد الذي يوازن ما بين الجاني والضحية، فقد كان الأجدر للأمم المتحدة أن تأخذ تقارير الحكومة الشرعية بالاعتبار، والتي كانت ترفع للأمم المتحدة، حول سلوك الحوثيين والمخلوع في استهداف الأحياء السكنية، والمساجد والمعابد والجامعات، والمستشفيات، ودور الأيتام، وكان الأجدر بهم أن يدققوا أكثر في نهب الحوثيين للمساعدات الإنسانية، وبيعها للمواطنين بأسعار مضاعفة، وتجنيدهم الأطفال وحملهم السلاح.إن تقرير الأمم المتحدة، جاء ليؤكد سلبية موقف الأمم المتحدة، فعلى الرغم من استجابة الحكومة الشرعية، وتمسكها بالمرجعيات الدولية والوطنية اليمنية، فإن الأمم المتحدة اليوم، تحاول التنكر لهذه القرارات، عبر صفقات سياسية، لا تخدم الأمن والاستقرار في اليمن، وذلك عندما تتجاوز الأمم المتحدة مكانتها ودورها العالمي في صيانة الأمن والسلم الدوليين، حيث تعيش منطقتنا العربية ذاكرة سلبية حول الأمم المتحدة، بدءا من قراراتها في فلسطين، وصولا إلى مذابح أبوغريب التي كانت صفعة مؤلمة في جبين الحضارة الإنسانية، وصمتها الكبير عن جرائم الحشد الشعبي والميليشيات الإيرانية في ديالى، وفي المدن السورية، والاكتفاء بالقلق.وعلينا أن نتساءل لماذا ظلت الشرعية تستجيب للمطالب الدولية والإنسانية، وتقدم التنازلات لأجل شعبها ومواطنيها، لكن أن تصل الأمور لمطالبة الأمم المتحدة ذاتها للتنازل أو التجاوز عن قراراتها الدولية، التي اتخذتها وأصدرتها والتي تعبر عن إرادة المجتمع الدولي، وتلجأ إلى ممارسات صبيانية غايتها ابتزاز دول التحالف العربي بوضع دولهم على اللائحة السوداء، في وقت يجب أن تكون الأمم المتحدة إطارا جامعا للوصول إلى الأمن والسلام والاستقرار.من حق دول التحالف العربي، والدول العربية والإسلامية، أن تقف موقفا واحدا وقراءة متفحصة للأمم المتحدة، التي لم تقف في صف الدول العربية والإسلامية، وظلت القرارات الدولية الخاصة بها بلا تنفيذ أو رعاية دولية، ولعلنا نشير إلى الأمم المتعثرة، لم تسهم عمليا في حفظ الأمن والسلم الدوليين، منذ نشأتها، فقد اندلع منذ عام 1945م، أكثر من 90 نزاعا وصراعا داخليا ودوليا، ذهب ضحيتها 25 مليونا من البشر، بجرائم اجتثاث، وتهجير ديمغرافي وطائفي، ومحو مدن عن الخريطة، وكانت الأمم المتحدة كالعادة قلقة وتتباكى، ولم يكن ماضيها مشرفا في منطقتنا العربية وفي دولنا ومجتمعاتنا الإسلامية، لقد كنا نأمل بأن تبقى الأمم المتحدة، قوة في احترام القانون الدولي، وقوة للجم الاعتداءات الدولية، وقوة داعمة للشرعية، فمن الذي انقلب على الشرعية في اليمن، ومن الذي أمد العصابات والميليشيات بالسلاح، والأموال، ومن الذي يحاصر المدن حتى الموت من تعز إلى مضايا، من الذي أطلق سجناء القاعدة وداعش في العراق واليمن وسوريا، ومن الذي آواهم ومهد لهم السبل للانتقال من مكان إلى آخر لنشر الفوضى والإرهاب والموت.الأمم المتحدة بعد تقريرها المفخخ وغير المتوازن والمنحاز، تمارس ازدواجية جديدة، لا تخدم الأمن والسلام والاستقرار الدولي، بل تضع العصي في دواليب الحلول السياسية التي تنزع إليها دول التحالف العربي.