لو كان لي أن أشرّع مسودة أو مدونة لاتفاق اجتماعي عن الأسماء والألقاب وما قبلها وما بعدها من التزيين والتدبيج والزخرفة لبدأت بأن أقول للناس لا تقولوا للطبيب الدكتور بل صفوه ك.. الطبيب فلان، لأني لاحظت في السنين الأخيرة أن الأمر أصبح خليطاً يحتاج إلى فرز وتصنيف دقيقين. شخصياً، عند واجب التعريف بين أقول: أقدم لك الطبيب فلان، ولا أقول الدكتور حتى لا أكلفه عناء إعمال فكره هل هو طبيب يُعالج الناس أم هو دكتور في مادة في الجغرافيا أو علم الاجتماع. وبمناسبة هذا الموضوع أذكر أن عدة تعاميم صدرت إلى الدوائر الرسمية وغيرها توحي بالتروّي قبل إطلاق الألقاب والدرجات الأكاديمية، أو بعدم ذكر اللقب إذا كان الخطاب أو المذكرة صادرة من الشخص ذاته. لكن تلك التوجيهات لم تؤد الغرض حتى الآن. قصدي القول إننا نكاد نكون الأمة الوحيدة التي تهتم بعرض الدرجات العلمية على ورق الطباعة، وفي أول الخطاب ونهايته. مع أن الدرجة العلمية تُميّز حاملها إذا ذُكر اسمه مرتبطاً ببحث أو على منبر مؤتمر. عرفتُ رجالاً يصرون على كتابة (معالي) أو (الدكتور) حتى في الوثائق الشرعية كصكوك الملكية ونماذج تعبئة الطلبات وحجوزات السفر. وأقول المرء حرّ في ما يريد أن تمشى عليه حياته العملية والاجتماعية. لكن الذوق أيضاً له مكانة عند من يتعامل معهم المرء. كيسنجر – مثلاً – أستاذ ودكتوراه، لكن قلما نسمع ذكراً لما يحمل من شهادات، إلا إذا ذكرهُ مُقدّمه بصدد موضوع يتعلق بأطروحة أو بحث في مادته. مررتُ بمسكن قيد الإنشاء، ووجدتُ المقاول كتب لوحة كبيرة تقول: مشروع فيلا سكنية، للدكتور(.. ). ووصلتني ذات يوم بطاقة دعوة لزواج بدأت ب... (يتشرّف معالي (...) بدعوتكم الخ. هو حرّ فيما يرى لكن المارة لهم آراؤهم أيضاً.