×
محافظة المنطقة الشرقية

البرازيل بالصف الثاني تتعادل مع الإكوادور سلبيا في بداية مشوارها بكوبا أمريكا

صورة الخبر

في السكون تستقر الأمور وتنمو آلة لرتابة حياتية يعتادها المرء ويطمئن إلى فهمها وعواملها ونواتجها. لهذا كثير من الناس يعادون التغيير، ومفاجآته. وبعضهم يتمسك بسيئات السكون خشية من الأسوأ. التحولات الاجتماعية تحدث تغييراً واسعاً في عقل الإنسان وفكره وعلاقاته. وأيضاً الدول تحدث فيها التحولات نفس التغييرات في الأفراد لكن بتأثيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة لأنها تحفز نمو علاقات وتيارات وكينونات جديدة، إيجابية أو سلبية، أخطرها هي الانتهازية التي لن تتورع عن استثمار كل شيء والمتاجرة بالمثل وعواطف الناس، وحلمهم بالمستقبل، لابتلاع التغييرات ولَيّ المعطيات لتصب في مصالحها. وتحدث معركة مصالح ومعارك رؤى حامية الوطيس، فالطامحون يشعلون آلة التغيير للتخلص من الماضي وتأسيس حاضر جديد، يخدم مصالحهم أو رؤاهم الوطنية. في عجة التغيير تنشأ، عادة، في الحواشي انتهازية فطرية ساذجة، كالتي نمت في ما يسمى «الربيع العربي»، وتتمثل في شباب اغرار شعث غبر، جرى توظيفهم وشحنهم لخدمة تيارات وكينونات انتهازية، وإيهامهم أن شباب «الفيسبوك» هم ملهمو الثورات التاريخية العصرية وصانعوها، ودس المشغلون في آذانهم اصطلاح «الشرعية الثورية». وهي مبدأ خطير، يعني محاكمة اشخاص وهدم مؤسسات طبقاً لهوى الشارع الفوضوي بلا قانون وبلا تحديد مسئوليات وبلا أسس مهنية للحقوق والتقاضي. وفتحت الفضائيات، فجأة، للأغرار الجاه والشهرة، حتى توهموا أنهم هم قادة المعركة، وأنهم المحركون الفعليون للتغيير، فقدموا أنفسهم وتعاملوا مع الآخرين والحياة والشارع والحكومات على هذا الأساس. لهذا يتجمع عدد من الطلاب ويختارون اسماً لامعاً لمجموعتهم ثم يطرحون أنفسهم أنهم قادة تيار ثوري. وليس من الغريب أن تجد مراهقاً يافعاً، ربما لا يحسن حتى إدارة وقته في مذاكرة دروسه أو تحسين علاقاته بأترابه وزملائه، ولا يملك أية تجربة ولا حتى فكرة يعول عليها في إدارة المجتمعات والدول والعلاقات الدولية وفهم التاريخ، يتأوب مقعداً في فضائية وينظر في كيفية إعادة بناء مؤسسات الدولة وعلاقاتها الدولية والتنمية الاقتصادية، وتحديد اتجاهات التاريخ الآتي، بل ولا يمل من تكرار عبارة «إحنا لا نقبل بكذا..» أو «إحنا نود إقالة الحكومة».. وأحياناً، يحتار المرء في الـ«إحنا» هذه.. ولا أحد يسأل، من «هم»، وكم عدد الـ«إحنا»؟ ومن يحركهم عن بعد ومن خلف الحجب؟ وما برامجهم. ولأن التغيير مرحلة انتقالية لتجدد الدول قادتها ومؤسساتها، ثم تعود إلى العمل المنظم المؤسسي المسئول، ولن تبقى طوال العمر تلاحق انتهازيين سياسيين، ومراهقين يستعذبون الفوضى ويطربون لمهرجانات التجمعات الشبابية الصاخبة. والعودة إلى الاستقرار تتطلب أن يختفي المراهقون والفوضيون والانتهازيون، لتبدأ البلاد بالتدقيق في إمكاناتها وثرواتها والتخطيط لبدء مستقبل جديد، إلا أن الانتهازيين، والمراهقين المتوهمين، يتشبثون بأن تستمر مرحلة التغيير، ليستمر وهجهم وشهرتهم ومكاسبهم، وألا يتحولوا إلى ملح الزمن ومسحوقات فضائيات يحرقها سطوع الضوء. وحتى في الزمن الخطأ والوقت الضائع، يستمر الاغرار في زيارة الفضائيات والتحدث عن «الإحنا»، وأن «الثورة مستمرة»، فهذه هي البضاعة التي يجيدون ترويجها، لهذا يحاولون أن يمدوا عمر حالة التغيير والفوضى ليستمر حضورهم، إذ ليس لهم أي دور في دولة مستقرة ومؤسسات منضبطة. وتر جاء كسير القلب.. بيده زهرة نصي، ورذاذ غيمة.. وفي خاطره وهج شمس الشرق.. وذاكرته خصبة بالحب.. ومكارم المروءات.. وأناشيد صبايا الوديان الخضر.. يتلو تعاويذ المساء، حرزاً أن تغتابه منمقمات الأحزاب وسموم الاستوديوهات الفضائية..