تعرضت عائلة قبل نحو 30 عاما إلى حادث انقلاب على طريق الرياض - الدمام السريع بعد أن انحرف سائق تجاههم على حين غرة. تستقل سيارة العائلة المنقلبة ثلاث فتيات مع أبيهن وأمهن. دخل الجميع المستشفى. الإصابات جسيمة. كسور وآلام متفرقة. ظل معظمهم في المستشفى إلى مدة تراوح بين شهر وثلاثة أشهر. حينما خرجوا زار السائق، الذي تسبب في الحادثة منزل الأسرة. قبل جبين الأب وقال له، "سامحني. لقد غفيت وأنا أسوق. أنا مخطئ وأرجو منك الصفح". قال له الأب، "لا أحمل شيئا في نفسي عليك". فرد عليه السائق، "كيف حال زوجتك وبناتك؟" فأجابه الأب بأنهم بخير سوى عايشة التي تعرضت إلى تشوه فادح في نصف وجهها. فعلق عبدالرحمن مباشرة، كم عمرها. قال له 30 عاما. فرد عليه، سأتزوجها. سأله أبو عايشة، هل أنت متزوج؟ فأجاب، لا. فقال الأب، سأسألها ولكن قبل ذلك تعدني أنك لا تتزوج عليها أو تسيء إليها. فرد عبدالرحمن، "ثق بي. إنها كلمة رجل إلى رجل. ليست شفقة أو تكفيرا عن ذنب. أنا أشتري عائلة كريمة وراقية". قال الأب، "فكر وتعال بعد سنة لأعرف أنك لم تتخذ قرارا عاطفيا وأيضا لتكبر ابنتي قليلا وتستطيع أن تتخذ قرارا أكثر عقلانية". انتظر سنة وعاد عبدالرحمن سائلا الزواج من عايشة. قبلت به. واليوم لديهما ثلاثة أبناء، ابنان أحدهما تخرج مهندسا ميكانيكيا من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والثاني يدرس الطب والثالثة في المرحلة الثانوية. حياتهم مبنية على الاحترام والتقدير. أرسلت لي عايشة برسالة تقول فيها، "تكلم عن زوجي عبدالرحمن في حسابك بـ (سنابتشات). أنا مدينة له ومدينة أكثر للحادثة التي جعلته زوجا لي. سبحان الله بعد أن تشوهت توقعت أنها نهايتي لكنها كانت البداية". في كل مشكلة أتعرض لها، أشعر أنني الأسوأ حظا على الإطلاق. لماذا أنا؟ كيف سأخرج من هذه الأزمة العميقة؟ وأكتشف لاحقا أنني أخرج من كل أزمة أكثر قوة وصلابة وتحملا. وربما تتحول النقمة إلى نعمة. أتعلم جوانب لا يمكن أن أتعلمها لولا هذه الأزمة. أسلك طرقا جديدة لم يسبق أن سلكتها. .طرقا أجمل بكثير من تلك التي اعتدتها. فربما لو لم أتعرض إلى هذا الحادث في حياتي لما انعطفت وشاهدت عالما لم أشاهده من قبل. عالم مدهش لم أكلف نفسي عناء البحث عنه. نحتاج أحيانا أن ننعطف حتى نصل لأماكن نحلم بها ولم نعانقها. المشكلات التي نتعرض لها مؤلمة وقاسية وعنيفة في وقت حدوثها وستظل كذلك. لكن علينا أن نؤمن أننا سنعانق إيجابياتها بعد حين، وسندرك أنها ليست بذلك السوء. فيكفيها أنها دربتنا وصقلتنا. عندما تتعرض لمشكلة أو أزمة أو حتى مصيبة تذكر قول الله تعالى، (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا).