دخلت نهائي رابطة أوروبا بين ملوك الريال والروخيبلانكوس متوجساً ومرعوباً لانتماء جارف إلى ريال مدريد يضع باستمرار على رقبتي سيف الضغط، فقد خرجت من هذا النهائي الحالم الذي كان الملعب الأسطوري لميلان مسرحاً له، سعيداً ومنتشياً بالإنجاز الرائع للملكي الذي وضع على صدره النجمة الأوروبية الحادية عشرة، ومنكسر الخاطر حزيناً وأسطورة أتلتيكو مدريد لا تكتمل للمرة الثانية في آخر ثلاث سنوات. وبصرف النظر عما يمثله اختزال خوارق أبطال أوروبا في فارسي مدريد، من قيمة فنية هي اليوم موضوع تحليل عميق في مختبرات أوروبية عديدة، فإن نهائي ميلانو أحالنا فعلاً على تلك الإلياذات الكروية الجميلة، التي تكتب حرفاً حرفاً بمداد الإعجاز، فهذا الريال يصل إلى ما كنا نظنه قبل بداية السنة مستحيلاً بل وضرباً من ضروب الوهم، أن يقف مجدداً على رأسه تاج الأبطال، وهذا أتلتيكو يحفر بالأظافر الجدارات الصلبة لكي يصل إلى القمة الأوروبية مسقطاً كل القوى التقليدية الثقيلة، قبل أن يصده الحظ في آخر خطوة. ونحن نودع سنة 2015 التي ما رأى فيها الريال غير الكوابيس، وصلنا إلى الاقتناع الكامل بعدم جدوى بينيتيز، وأن زيدان الذي حل بديلاً له ربما يتكسر عظمه الطري وربما يُغتال مشروعه الكبير، وهو يأتي للفريق في توقيت سيئ وحرج، لا يساعد على إبداع المتغيرات، هكذا كنا نظن، لولا أن زيدان كذبنا جميعاً ومضى بقوة الشخصية لتوجيه الريال نحو طريق ضله منذ وقت بعيد، فاستعاد لمستودع الملابس أمانه، وأعاد للنهج التكتيكي نظارته، فأصبح الفريق الذي نعرف، المشاكس والمعاند، والذي لا يتخلى أبداً عن عنفوانه وتاريخه، ولولا الخسارة العارضة بالبرنابيو أمام الجار العنيد أتلتيكو، لكان الريال توج بطلاً لليجا، وهو الذي كان يقف على بعد أميال من برشلونة مع نهاية مرحلة الذهاب. نحن منحنا لزيدان نيشان التميز، منحنا سيميوني وسام الاستحقاق التاريخي، فالرجل الذي نختلف في تسمية كرة القدم التي يؤمن بها ونختلف في تعريف فلسفة اللعب التي يقدمها، حتى أن هناك من يرى أنها فلسفة لعب ممعنة في تخريب الفرجة، لا بد أن نجمع على أنه بلغ بهذا الأسلوب، وبتلك الفلسفة قمة الكرة الأوروبية، فأنا أعلن مثل الكثيرين عشقي لسيميوني الذي حول الكرة المغلقة إلى كرة جذابة.