تمكن أكثر من ستة آلاف مدني من الهرب من ريف حلب الشمالي غالبيتهم من مدينة مارع التي يحاول تنظيم «داعش» اقتحامها، بعد سماح «قوات سورية الديموقراطية» لهم بالمرور في مناطق تحت سيطرتها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «اكثر من ستة آلاف مدني غالبيتهم من النساء والأطفال تمكنوا من الفرار من مناطق في ريف حلب الشمالي سيطر عليها تنظيم داعش في اليومين الأخيرين أو يحاول اقتحامها وتحديداً مدينة مارع وقرية الشيخ عيسى المجاورة». وأضاف أن «النازحين وصلوا (ليلة السبت) إلى مناطق في ريفي حلب الغربي والشمالي الغربي تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية بعدما سمحت لهم بالمرور من مارع إلى الشيخ عيسى باتجاه تل رفعت وعفرين». وتحاصر «قوات سورية الديموقراطية» التي تضم مقاتلين أكراداً وعرباً مدينة مارع التي تسيطر عليها فصائل مقاتلة ومعارضة من جهة الغرب، فيما تحاصرها قوات النظام من الجنوب وتنظيم «داعش» من جهتي الشرق والشمال. ودفع هجوم «داعش» المفاجئ في المنطقة المنظمات الدولية والطبية إلى إبداء خشيتها حول مصير نحو 165 ألف نازح باتوا عالقين بين مناطق الاشتباكات القريبة والحدود التركية المقفلة. وتحدثت الأمم المتحدة عن فرار بضعة آلاف إلى مدينة أعزاز والمنطقة الحدودية مع تركيا جراء المعارك الأخيرة. وبفعل حركة النزوح الكبيرة من مارع «لم يبق في مستشفى الحرية، الوحيد في المدينة، سوى أربعة عاملين في الكادر الطبي»، وفق ما قال أحد فنيي التخدير في المستشفى لفرانس برس رافضاً كشف اسمه. وروى الشاب أن التنظيم حاصر المستشفى عشر ساعات يوم الجمعة، وأصيب عاملان اثنان فيها واضطر الأطباء إلى إجراء عملية جراحية لأحدهما من دون كهرباء، بعد توقف المولد الخاص بالمستشفى. واضطر فني التخدير وعائلته إلى مغادرة مارع إلى أعزاز عبر الشيخ عيسى أول من امس بعد سقوط قذيفة على منزل أقربائه تسببت بمقتل خمسة منهم. وفي شمال أعزاز، قال يحيى وهو مشرف تمريض في مستشفى السلامة المدعوم من منظمة أطباء بلا حدود: «هناك ضغط كبير على المستشفيات» في المنطقة. واضطرت المنظمة إلى إجلاء المرضى والطاقم الطبي من مستشفى السلامة بعدما باتت المعارك على بعد ثلاثة كيلومترات منه. وأوضح يحيى «مستشفانا بات بحكم المغلق سوى أمام الحالات الطارئة والإسعافات». وبعد التطورات الأخيرة، يزداد الوضع الإنساني سوءاً، وفق يحيى، مع حصول «موجة نزوح من النازحين أنفسهم أي من خيم لخيم»، وإلى مخيمات جديدة غير مؤهلة، مضيفاً أن «المخيم الذي يستوعب 200 شخص بات يؤوي الآلاف». ويخوض عناصر «داعش» معارك ضد الفصائل المقاتلة على أطراف مارع في محاولة لاقتحامها، بعدما تمكنوا فجر الجمعة من السيطرة على خمس قرى أهمها كلجبرين وكفركلبين على طريق الإمداد الوحيد الذي كان يربط مارع بأعزاز، أبرز المعاقل المتبقية للفصائل في محافظة حلب. وبحسب المرصد، تدور الأحد اشتباكات عنيفة بين الجانبين على أطراف مارع ومحيط القرى المجاورة. وتبعد أقرب نقطة اشتباكات قرب كفركلبين نحو خمسة كيلومترات عن مدينة أعزاز. وأحصى المرصد مقتل 47 من «داعش» بينهم تسعة انتحاريين، و61 مقاتلاً من الفصائل بالإضافة إلى 29 مدنياً منذ بدء هجوم التنظيم الجمعة. من جهة أخرى، تعرضت أحياء في مدينة حلب والمناطق الواقعة شمالها لغارات كثيفة الأحد شنتها طائرات حربية سورية وروسية، وفق المرصد. وشاهد مراسل لـ «فرانس برس» في الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل في حلب سرباً من ست طائرات حربية تحلق في سماء المدينة قبل قصفها أحياء عدة، ما تسبب بمقتل شخص على الأقل وإصابة خمسة آخرين بجروح. واستهدف بعض الغارات طريق الكاستيلو وهو الطريق الوحيد المتبقي من الأحياء الشرقية باتجاه الريف الغربي. وفي حماة في وسط سورية، لا يزال العصيان مستمراً في سجن حماة المركزي بعد تمكن السجناء أول من أمس من احتجاز مدير السجن وقائد شرطة حماة وتسعة عناصر آخرين، وفق المرصد السوري. وشهدت الساعات الماضية، استنفاراً أمنياً إذ استخدمت قوات النظام الغاز المسيل للدموع وباءت محاولاتها لاقتحام السجن بالفشل. ويطالب السجناء، وغالبيتهم من المعتقلين السياسيين والإسلاميين خصوصاً، بالإفراج عنهم بحسب اتفاق توصلوا إليه مع السلطات بعد حركة تمرد قاموا بها بداية الشهر الجاري. وفي حماة أيضاً، أشار المرصد إلى قصفت طائرات حربية بلدة اللطامنة في الريف الشمالي، مضيفاً أن طائرات أخرى قصفت الأطراف الشرقية من بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، ما أدى إلى أضرار مادية. وتابع أن طائرات حربية أغارت أيضاً على مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي. وفي محافظة حمص، قال المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محيط حقل شاعر وجبل المزار قرب مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، فيما شهدت منطقة البيارات على أطراف مدينة تدمر قصفاً متبادلاً بين الطرفين. وتابع أن طائرات حربية قصفت بلدتي الزعفرانة وغرناطة بريف حمص الشمالي، في حين قصفت قوات النظام بقذائف الهاون حي الوعر بمدينة حمص. وفي محافظة دير الزور (شرق سورية)، أشار المرصد إلى مقتل ضابط برتبة رائد من قوات النظام، خلال اشتباكات مع «داعش» في مدينة دير الزور. أما في محافظة الرقة، معقل «داعش» في شمال سورية، فقد أفاد المرصد أن اشتباكات متفاوتة العنف تدور بين التنظيم وبين «قوات سورية الديموقراطية» في الريف الشمالي، «وسط استهدافات متبادلة بين الجانبين، وتحليق لطائرات التحالف في سماء المنطقة، وأنباء عن خسائر بشرية جراء الاشتباكات». وفي الرقة أيضاً، قال المرصد إنه حصل على شريط فيديو يُظهر مجموعة من الأطفال وعناصر «داعش» في مدينة الرقة ويتضمن تهديدات للولايات المتحدة وروسيا و «الكفّار». وأوضح أن طفلاً ملثماً يقول في الشريط: «يا عبّاد الصليب أتيناكم بالذبح فاعلموا أن لنا جنداً في العراق وجنداً بالشام من الأسود الجياع، فوالله لنأكلنكم بسنوننا». كذلك أظهر الشريط حلقات لتدريس القرآن الكريم في مدينة الرقة، وعشرات الأطفال وهم يحملون رايات تنظيم «داعش» ويشدّون حول رؤوسهم عصائب تحمل راية التنظيم. وزاد المرصد أن عنصراً من «داعش» ظهر في الشريط وهو يخاطب عشرات الأطفال وعناصر التنظيم والأهالي المتجمهرين، قائلاً: «ورسالة أخرى أوجهها إلى الكافرين كلهم في كل حدب وصوب وفي كل مكان، إلى أميركا، واسمعي يا أميركا، وإلى روسيا واسمعي يا روسيا، واسمعوا يا أذناب أميركا وروسيا: إنا أتيناكم بأجيال والله الذي لا إله غيره سوف يقتلعونكم من جذوركم والموعد دابق يا أعداء الله». وتضمن الشريط أيضاً إعدام «داعش» لأربعة شبان في مبنى مدمر ومهجور، بعد بث «اعترافات» قالوا فيها إنهم صوّروا مواقع للتنظيم أو مواقع تعرضت لغارات جوية. وفي محافظة ريف دمشق، قال المرصد إن طائرات حربية ومروحية شنت ما لا يقل عن 12 غارة على مزارع الديرخبية ومزارع خان الشيخ بريف دمشق الغربي، كما قصفت قوات النظام الطريق الواصل بين بلدة زاكية ومخيم خان الشيح.