إليكم هذه الواقعة الحقيقية (الدرامية). نادت (مارلين) زوجها (تشارلي) قائلة: انظر إلى لون بشرة (جيمي)، وكان لونها مصفرًا. حملا ابنتهما جيمي البالغ عمرها ستة أشهر إلى الطبيب، وعندما فحصها صارحهما أن كبدها تالف، ولا بد لها من بديل، وسألته الأم: وهل تموت إذا لم نجد ذلك؟!، قال: نعم. وبقيت مشكلة إيجاد متبرع بالكبد لأن الحصول على كبد صالح أمر غاية في التعقيد، إن واحدًا في المائة من الموتى البالغين يترك كبدًا صالحًا للزرع، ويصبح الأمر شبه مستحيل عندما يكون الكبد لطفلة صغيرة مثل جيمي تزن خمسة كيلوغرامات ونصف وتحتاج إلى متبرع من فئة دمها له حجمها ووزنها. أثارت جهود تشارلي مع وسائل الإعلام بعض اهتمام لدى الرأي العام، لكن الفورة ما لبثت أن هدأت تدريجيًا. وبعد مرور ثلاثة أسابيع ساءت حالة جيمي كثيرًا، وأصبح كبدها كالحطبة الصغيرة اليابسة، وقرر الأطباء أنها سوف تموت خلال شهر واحد، عندها اتصل تشارلي بأكاديمية أطباء الأطفال الأميركيين طالبًا عناوين الجراحين، وشاءت المصادفات أن تكون الأكاديمية تخطط لمؤتمر وطني في مدينة نيويورك، وفي الحال اتصل تشارلي برئيس الأكاديمية الدكتور هاري جانيسون وطلب السماح له بالكلام في المؤتمر، ليشرح حالة ابنته. غير أنهم رفضوا لأن المؤتمر مزدحم بجدوله، ولكن بعد إلحاحه سمحوا له أن يتكلم على ألا يزيد الوقت عن دقيقة واحدة. ووقف تشارلي خلف المنضدة في قاعة الاحتفالات الكبرى، وقال: «إن ابنتي لطيفة ومرحة وذات حيوية غير عادية»، ثم صمت قليلاً وقال بلهجة حنونة: «سئلت يومًا إذا كانت لدى جيمي لعبة مفضلة، فأجبت: نعم، عندها بطة كبيرة محشوة بالقطن تغني أنشودة مألوفة اسمها: أنت شمسي»، وصمت برهة ثم رفع صوته وهو يبكي قائلاً: «إنها هي شمس حياتي وأنا أحبها كثيرًا، وأشكركم شكرًا جزيلاً». نقل خطابه على شاشات التلفزيون ورددته الإذاعات ونشرت قصته الصحف في أنحاء الولايات المتحدة. لقد حرك موجة عارمة من العاطفة الجياشة وانهالت ألوف الرسائل والهدايا على ابنته، ووصلت رسالته إلى ملايين الناس، ومنهم (ليرد بيلون) الذي كان في منزله ينظر من دون اهتمام إلى شاشة التلفزيون عندها ظهر تشارلي في نشرة أخبار المساء يلقي كلمته، ونادى بيلون زوجته قائلاً: أتمنى أن يجد هذا المسكين متبرعًا لابنته، لكن الأمر يتطلب موت طفل آخر. وشاء القدر أنه بالصدفة وبعد ثلاثة أيام، وقع حادث سيارة لبيلون وزوجته مع ابنهما ذي العشرة أشهر الذي أصيب إصابة قاتلة وتوفي بالمستشفى. وتبرع بيلون وزوجته بكبد ابنهما لـ(جيمي)، التي ما زالت حية ترزق، واحتفلت قبل أسابيع بعيد ميلادها وأطفأت (30) شمعة.