أمام مشهد مربك من واقع الحال في عالمنا اليوم وتحديداً في العالم العربي من الخليج للمحيط، حيث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تنقل أخبار الإرهاب والفوضى للعالم، مقدمة أعلى نسبة تاريخية في الأخبار السيئة للعالم، وربما تكون هذه مساهمتها الوحيدة للبشرية اليوم..! أمام هذا المشهد من الحرب الطائفية، التي لم يعد من المقبول رفض وصم واقعها بغير ذلك، حالة من الخراب الطائفي وانعدام الأمن وسطوة ونفوذ المليشيات على ما تبقى من دول هشة..! أمام هذه الصورة الفوضوية الدموية الحزينة، هل يمكن لنا أن نرى العالم من زاوية أخرى..؟ هل العالم بالفعل في أسوأ حالاته..؟!، هل ما زالت قصة النور في آخر النفق صالحة للاستخدام..؟! قد يبدو لنا ذلك حقاً، إلا أن جانباً من الخبرات البشرية المتراكمة تخبرنا شيئاً آخر، بوجهة نظر مختلفة..! الخبر الجيد الأهم أن العالم اليوم في أفضل حالات التقدم البشري إجمالاً، في العلم بكل أشكاله وخيالاته التي تسقط على الواقع بسرعة مثيرة. وأمامك التقنية وما توفره من حياة سهلة في الإنجاز والاتصال والمعلومات والمعاملات، حيث الكوكب الأخضر يتجه إلى ورق أقل وأقل، وبالتالي حركة أقل! وإلى الفن والإبداع، حيث اقترابها كثيراً من العلم ونظمه وأنظمته، تجعل حالة من الدهشة في التنوع الفني العالمي وانتشاره، وتكاثره إنتاجياً بشكل يفوق قدرتنا على ملاحقة هذا الكم الهائل من الخيارات، لكل الأجناس والأعراق والحضارات والإعمار والأمزجة. عالم من الإبداع يختلط بالإحساس البشري ويحرك خياله. السفر والتنقل، رغم ما يصلك من معلومات عن التشديدات الأمنية في أوروبا أو الولايات المتحدة أو غيرهما، وحتى بعض حوادث الطيران للأسف، إلا أن عدد المسافرين حول كوكبنا هم بالملايين يومياً، وهناك مئات شركات الطيران والآلاف من الطائرات التي تتنقل في أجواء كوكبنا. وهناك باستمرار عروض مغرية للسفر.. الفضل كله يعود لتطور المحركات المذهل كما في وثائقي مخصص لأضخم الناقلات الجوية في العالم.. أضف إلى ذلك القطارات التي تربط الدول والقارات، ومئات الناقلات الضخمة التي تجوب المحيطات ناقلة الطاقة والغذاء لمواقع جغرافية متباعدة..! ما يحدث في منطقتنا مخيف ومزعج وربما كارثي، لكن ما يتوفر من التاريخ يخبرنا أنه لم يكن هو الأكثر وحشية في التاريخ البشري، الفرق الآن مع اختلاف نوع السلاح المستخدم للقتل والحرق والإبادة. الفرق هو في وسائل الإعلام الحديثة المباشرة، أضف إليها بامتياز وسائل وشبكات الاتصال والتواصل الاجتماعي، التي منحتنا رؤية لحظية وضخمة لكل بقاع العالم، وهو أمر لم يكن متوفراً في القرون السابقة، وهي حروب وحشية بامتياز أيضاً، لكن الحروب السابقة لم تكن تصل أخبارها وجرائمها إلا بعد أشهر أو سنوات بحسب رواية المنتصرين في الغالب. الحقيقة المؤلمة أن نظام الغاب هو الأصل البشري، وأن القتل والحروب هي للأسف أولى خطايا البشر التي يصعب التخلص منها... محاصرتها ربما!.