لا يزال الحديث عن التغريد وتوجهات كثير ممن يتابعون بل يعيشون داخل وسائل التواصل الاجتماعي مستمرا. نحن شعب نفرط في أغلب الأشياء، ولعل هذا الأمر أحدها، فتجد كل واحد مشغولا برسائله وتغريدات مفضليه ورسائل مجموعاته في كل مكان. أوقات العمل والراحة والدراسة وحتى الصلوات تتأثر بالكم الكبير من الرسائل والتواصل الذي ليس سوى حالة من الانشغال بما لا يفيد في غالب الأحوال. جسّد هذا الكثير من الكتاب والرسامين والفنانين كواحدة من علل المجتمع السعودي الحديث. وما دامت هذه حالنا، فمن الطبيعي أن تكون هذه الوسائل أهم طرق الوصول للمجتمع بمختلف فئاته. إن التفوق في جزئيات مثل علم النفس وتخصص كثير من الجهات في استخدام هذا العلم في إيصال الرسائل للمتلقي، سواء كانت إيجابية أو سلبية، أصبح جزءا أساسا من عمليات اختراق المجتمعات. تحدثت بالأمس عن أكثر من 50 ألف مستخدم حاصرت المتلقي السعودي خلال الفترة الماضية، هدفها هو اختراق العقل الجمعي والفردي وتحويل انتباه المجتمع إلى تكوين آراء محددة تجاه قضايا وتطورات قائمة أو قادمة. إن الاستغلال العلمي الذي نشاهده لوسائل التواصل في رسم صور معينة تؤدي إلى سلوكيات خطيرة في الفئات التي تتعلق بمواقع أو ألعاب إلكترونية، هو جزء من عمليات التواصل غير المرئي حيث تبث مجموعات الرسائل عبر هذه القنوات لتكوين قناعات معينة تدفع بالمتلقي لسلوك محدد في وقت محدد. هذه العمليات كانت نتاج بحوث في علم النفس السلوكي في خمسينيات القرن الماضي، وهي من ضمن الأمور المحظورة في العلن لكنها جزء من أنشطة الاستخبارات التي تستهدف فئات المجتمع الشابة خصوصا. تعتمد هذه الرسائل على وجود الشاب في مكان معزول وتركيزه على صور معينة تحمل الرسائل المطلوبة. لهذا ليس من الغريب أن نشاهد شابا لا علاقة له بالمسجد أو الالتزام الديني، يظهر في يوم من الأيام خارج البلاد، وينتمي لجماعات تدعي الجهاد، وقد اقتنع أنه يقوم بنشر الدين والحرب في سبيل الله. يساهم في تضخيم المشكلة الفراغ الذي يؤدي إلى جهل الأسرة بما يحدث بين ظهرانيها، أمر تعتمد عليه الجهات التي تنفذ هذه العمليات الخطيرة... وفي الغد المزيد.