×
محافظة المنطقة الشرقية

«أجرة مطار أبوظبي» تنقل 656 ألف شخص

صورة الخبر

منذ أكثر من أسبوعين، يشغل عمدة لندن المنتخب حديثاً صادق خان، حيزاً لا بأس به من النقاشات العربية، إذ إن حدث انتخاب رجلٍ مسلم لمنصبٍ كهذا، بعد منافسة مع مرشح يهودي عن حزب المحافظين، فتح شهية التحليل، ومحاولة فهم دلالات ما حصل، وتجييره لصالح أفكارٍ وتصورات معينة قد تبالغ كثيراً في تقييم الحدث. لابد من الإقرار بأن انتخاب مسلمٍ عمدةً لمدينة لندن يُعدُّ أمراً إيجابياً بالنسبة لمسلمي أوروبا، خاصة في ظل صعود اليمين المتشدد، الذي ينشر «الإسلاموفوبيا» والعداء للمهاجرين، وبالذات للمسلمين، ويعتبرهم خطراً على الثقافة ونمط العيش في أوروبا. انتخاب مسلم رغم صعود الخطاب العنصري أمر جيد، وهو تعزيز لفكرة فصل الانتماءات الدينية والعرقية عن المؤسسات، لكن المسألة ليست كما يصور البعض، في انتصار مرشح المسلمين على مرشح اليهود، فهذا الطرح التبسيطي يرتكز إلى التفسير الديني لتنافس سياسي أعقد من هذا التفسير، ورغم أن الانتماءات الدينية ما زالت تلعب دوراً في تحديد خيارات الناخبين، إلا أن المرشحَين ينتميان إلى الحزبين الكبيرين في بريطانيا، ويمثلان حزبيهما وبرنامجيهما الاقتصادي والاجتماعي، ولا يمثلان المسلمين أو اليهود، على طريقة تمثيل الجماعات الدينية والمذهبية في المشرق العربي، التي صارت مهيمنة للأسف على تفكير قطاعاتٍ واسعة من النخب والجماهير العربية. يمثل صادق خان حزب العمال، وقد حاول كسب ود الناخبين جميعاً، بما فيهم اليهود، بل إنه ذهب بعيداً في نفي تهمة العداء للسامية (كراهية الساميين، وتستخدم تحديداً لوصف كراهية اليهود) عنه، إلى حد انتقاد حزبه لعدم فعل ما يكفي لمواجهة العداء للسامية بين أعضائه. إنه أمر جيد أن يعتبر خان نفسه ممثلاً لكل سكان لندن بمختلف انتماءاتهم، لكن المشكلة هي في آرائه السياسية، التي يحاول من خلالها مجاملة بعض اللوبيات، مثل قوله إنه ضد مقاطعة إسرائيل، وهو موقف يشتري به رضا مؤيدي الصهاينة، مثل سياسيين كثر يرون في مواقف كهذه ضرورة للحصول على مكاسب انتخابية. يقود هذا إلى الحديث عن فئة أخرى من المحتفين بفوز خان، وهم الذين يعزون هذا الفوز إلى الديمقراطية الليبرالية وقيمها، وحرية ترشح الجميع ضمن أنظمتها، وهذا صحيح جزئياً، أي فيما يتعلق بفكرة المواطنة كأساس، لكن من يترشح ويفوز في الديمقراطيات الغربية هو في الغالب ينتمي لقيم المؤسسة الحاكمة، ويلتزم رؤيتها، وإلا فإن فرصه تكون ضئيلة في الوصول لمنصب، ولا يهم إن كان هذا الشخص من أكثرية أو أقلية دينية أو عرقية، لكن المهم أنه يلتزم قيم المؤسسة ونهجها. لا ينفي هذا أهمية فوز شخص من الأقلية، لكنه لا يغير من واقع هيمنة مجموعاتٍ معينة على الأنظمة الغربية، ولم ينهِ فوز باراك أوباما مثلاً هيمنة البيض الأنجلوسكسون في أمريكا، بل إن ظاهرة مثل «دونالد ترامب» لها دلالة أهم على تغيير سياسي في أمريكا، بحكم أن ترامب مرشح متمرد، لا يلتزم بتوجهات المؤسسة الحاكمة.