×
محافظة المنطقة الشرقية

أرامكو: إنجاز 50 % من «الصناعات البحرية» بحلول 2018 ..وأسعار النفط غير مؤثرة

صورة الخبر

الائتلاف الحاكم في تونس، ورغم كل ما يثار حوله من انتقادات، حول آليات عمل الحكومة، والخيارات الاقتصادية، والتنموية المتبعة، فإنه لا يزال يمسك بزمام الأمور، وينفذ ما تم الاتفاق عليه من خطوط عريضة في برنامج عمل الحكومة. ثمة مجهود تبذله الحكومة لتنفيذ الإصلاحات، وهناك عمل دؤوب يقوم به بعض الوزراء من أجل استكمال مشاريع الإصلاح. رغم كثرة العوائق، إلا أن هناك بعض المشاريع بدأت تظهر كمنجزات على أرض الواقع، وهذا سيحسب للحكومة الحالية رغم كل ما يقال عن ضعفها وترددها. الائتلاف الحاكم لا يعيش فترة انسجام مطلقة، بل هناك اختلافات تظهر بين الحين والآخر، لكن الأطراف الرئيسية في هذا الائتلاف هي التي ستخرج مستفيدة في نهاية المطاف، والنتائج ستظهر لا محالة في الانتخابات البلدية القادمة التي ستعكس مدى اقتناع التونسيين بالوضع السياسي الحالي أوعدم رغبتهم في استمراره. من يقرأ الخريطة السياسية للائتلاف الحاكم في تونس، سيجد أنه يقوم على قطبين رئيسيين، هما حزبا النهضة والنداء، وعلى حزبين ضعيفين هما حزب آفاق تونس، وحزب الاتحاد الوطني الحرّ. وهذان الحزبان اللذان باتا يمتلكان 20 نائباً في البرلمان، هما في واقع الأمر مرتبطان بالنهضة والنداء ارتباطاً وثيقاً، لأن شخصيات منهما تتحمل حقائب وزارية في حكومة الحبيب الصيد، وهذه الشخصيات مثل وزير التجارة محسن حسن ووزير التنمية والتعاون الدولي ياسين إبراهيم، هي شخصيات نافذة في حزبيهما، وهي شخصيات غير مستعدة لترك مناصبها السياسية، لذلك هي تضغط على مكونات الحزبين بضرورة البقاء داخل الائتلاف، مهما كانت التضحيات الواجب دفعها. بل إن بعض الشخصيات تحلم بمناصب أرفع فلا أحد ينكر أن شخصية مثل ياسين إبراهيم تطمح إلى تولي منصب رئاسة الحكومة. ومثل هذا الطموح يجعلها تسعى إلى التقرب إلى الحزبين الأكبرين، وتجنب الدخول في قطيعة معهما. وإذا افترضنا أن حزبي الاتحاد الوطني الحرّ وآفاق تونس، انسحبا من الائتلاف الحاكم، لسبب من الأسباب - وهذا واقعياً- أمر صعب إن لم نقل مستحيلاً، فإن حزبي النداء والنهضة هما في وضع مريح، لأنهما يمتلكان الأغلبية المريحة لوحدهما في البرلمان ب128 نائباً، تضاف إليهما كتلة الحرة ب28 نائباً، وهي الكتلة المنشقة عن نداء تونس، والتي أثبتت أنها في كل عمليات التصويت تكون إلى جانب الحزب الأم. ومن هذا المنطلق فإن التناقضات التي تظهر في وسائل الإعلام، هي ليست بالتناقضات التي تهدد مستقبل الائتلاف الحاكم. ويذهب المراقبون إلى أن الخلافات التي ظهرت مؤخراً، قد دعمت الفرز السياسي في تونس، وجعلت الاصطفافات أكثر وضوحاً. فهناك معارضة يسارية راديكالية، لم تستطع أن تتحول إلى قوة سياسية تنافس اليمين الحاكم، وهناك شتات معارضة تنتمي إلى ما يسمى العائلة الديمقراطية، وهي شتات سياسي، وظاهرة إعلامية أكثر منها قوة سياسية أوشعبية موجودة على أرض الواقع، وهناك في مقابل كل هذا تحالف إسلامي- دستوري، يرى كثير من المراقبين، أنه سيكون الحاكم لتونس لفترة قد لا تكون قصيرة. ويذهب المراقبون إلى أن هناك مؤشرات على أن التحالف بين الدساترة والإسلاميين، سيفرز مستقبلاً نظاماً قوياً وشمولياً، قد يكون أشد شراسة من ذي قبل. ويعتبرون أن هذا التحالف سيفرز دون شكّ وسائل سيطرة ووسائل تحكم وآليات قمع، قد يقع تسريبها من خلال قوانين، أومن اتفاقيات، بفضل الأغلبية البرلمانية، التي ليست عاكسة بالضرورة للمزاج الشعبي. وتعطي عمليات التعامل الأمني مع بعض الحركات الاحتجاجية، هذا الانطباع بالرغبة في العودة للقبضة الحديدية. كما أن الحملات التي تشن على الاتحاد العام التونسي للشغل، لا تأتي من فراغ، بل إنها نتاج مواقف ورؤى ترى أنه بات من الضروري إضعاف الاتحاد، والحد من الصورة والمكانة التي اكتسبهما بعد الثورة خاصة، والتي جعلت منه رقماً صعباً ليس فقط في المعادلة الاجتماعية، بل في المعادلة السياسية. وإذا كان المنطق الذي يقف وراء هذه التحالفات الجديدة، هو تطهير الساحة من كل العناصر المشاغبة، سواء كانت منظمات أو أحزاب أو وسائل إعلام، حتى يقع إحكام القبضة من جديد، فإن هذا المنطق لن يقود في الواقع إلا إلى مزيد من الاحتقان، ولن يؤدّي إلا إلى مزيد من الغضب الشعبي، خاصة أن هذا التحالف يُبنى في ظاهره على فسح الطريق أمام عودة كل رموز النظام السابق إلى الواجهة. هناك حدثان رمزيان، وقعا خلال هذا الأسبوع. الأول هو تنظيم حفل افتتاح مؤتمر حركة النهضة في قاعة المجمع الرياضي برادس، في خطوة استعراضية كبرى من طرف الحزب الإسلامي، وهي المرة الأولى التي تحتضن فيها هذه القاعة نشاطاً لحزب سياسي منذ عام 2009، عندما كان الرئيس السابق يختتم حملته الانتخابية في نفس القاعة. والحدث الثاني، هو وجود قيادات تجمعية من الصف الأول، حضرت المؤتمر، أي أنها جلست في نفس الصفوف وربما في نفس المقاعد التي كانت تجلس عليها في عام 2009، وكانت ترفع شعار بن علي خيار المستقبل وهذا الحدثان يفسران إلى حدّ كبير حجم التوافقات من أجل إرساء شراكة جديدة قوية بين رموز النظام السابق ورموز النظام الجديد الذي يقوده الشيخان الغنوشي والسبسي. لكن، أياً كان حجم هذا الائتلاف وقوته - الذي لن يصل بالتأكيد إلى حجم التجمع المنحل وقوته المطلقة - فإن عدم تحقيق طموحات الشعب الاقتصادية والاجتماعية، وعدم فض مشاكل الجهات التنموية بالأساس، وعدم النجاح في خفض نسب البطالة والفقر، فإنّ أي قوة سياسية، ومهما امتلكت من أغلبية برلمانية، فإنها لن تستطيع بالتأكيد إسكات الناس وقد امتلكوا حريتهم الكاملة. بل إن المصالحات التي يتم الترويج لها، ونعني المصالحات مع رموز النظام السابق، لن تكون لها أي فائدة حقيقية ما لم يتم بناء مصالحة حقيقية مع الشعب، تعيد له ثروته المنهوبة وتعطيه أملاً بمستقبل أفضل، مستقبل ينظر فيه الجميع ودون استثناء إلى الأمام، بدل العمل على إحياء مومياء الماضي. ومستقبل الائتلاف الحاكم، مرتبط بهذه الأهداف الكبرى لا غير. kamelbelhedi@yahoo.fr