أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «يوغوف» ونشرت نتائجه أمس، أن البريطانيين منقسمون بالتساوي حول البقاء داخل الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه، فيما تكافح حملة البقاء في الاتحاد للحصول على تأييد الناخبين لرئيس الوزراء ديفيد كامرون الذي يتزعم الحملة. وقدر الاستطلاع الذي أجري لمصلحة صحيفة «ذي تايمز» أن التأييد لحملة البقاء في الاتحاد بلغ 41 في المئة متراجعاً ثلاث نقاط مئوية عن الأسبوع الماضي، فيما ارتفع التأييد للانسحاب نقطة مئوية واحدة إلى 41 في المئة أيضاً. وقال أربعة في المئة ممن شملهم الاستطلاع إنهم لن يصوتوا فيما لم يحسم 13 في المئة رأيهم قبل أقل من شهر من الاستفتاء. وأتت نتائج استطلاعات الرأي التي تتابعها أسواق المال عن كثب متقاربة، لكن المعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد أظهر تقدماً على ما يبدو في الأيام العشرة الماضية. غير أن استطلاعاً أجرته مؤسسة «آي سي إم» ونشر الثلثاء، أظهر تقارب الطرفين المتنافسين. وأشارت مؤسسة «يوغوف» أمس، الى أن الاستفتاء يضر بالثقة في كامرون بعد أن حذر من الأخطار على اقتصاد بريطانيا وأمنها إذا أيد الناخبون الانسحاب. وسيصوت البريطانيون في استفتاء تاريخي في 23 حزيران (يونيو) سيقرر مسقبل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه في عام 1973. وأجري استطلاع «يوغوف» في 23 و24 الجاري. وقبل أقل من شهر من موعد الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، تستعد بورصة لندن والشركات والمصارف بتكتم ولكن بقلق لمواجهة الزلزال القادم في حال اختار الناخبون الخروج من الكتلة الأوروبية. ومن برج «سويس ري» (غركينز) الشاهق ذي الالتفافات الفريدة الى المبنى الكلاسيكي لـ «بنك أوف انغلاند» في قلب مدينة الاعمال وناطحتي سحاب مصرفي «باركليز» و «اتش اس بي سي» في حي كناري وارف للاعمال، يتردد السؤال نفسه: ماذا سيحدث في حال الخروج؟ وتستعد المصارف وشركات التأمين وشركات السمسرة والصرف في هذا المركز المالي الكبير كيفما أمكن لمواجهة تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء 23 حزيران الذي ستكون له انعكاسات هائلة وإن كانت حتى الآن غير معروفة. وقال رئيس شركة «لويدز» للتأمين جون نلسون في مقابلة مع «فرانس برس» «لدينا خطط انقاذ نعمل عليها بجدية»، ولكن على غرار بقية رجال الأعمال، رفض نلسون تحديد كيف ستتكيف مجموعته مع المعطيات الجديدة، مكتفياً بالقول انه أعد «حزمة أدوات ملائمة». ومن زيادة تقلب الأسواق، الى تشديد شروط الدخول الى السوق الأوروبية الموحدة وتغيير أنظمة عمل الشركات، يتوقع أن تكون تبعات التصويت لمصلحة الخروج، كثيرة على المديين القصير والبعيد، وعلى جبهات عدة. وتتمثل الأداة الرئيسية لدى الشركات في مراكمة الاحتياطات التي لا يمكن أن تتأثر بذلك، من سيولة وسندات وممتلكات يمكن استخدامها كضمانات، وفق استاذة الاقتصاد في جامعة «سيتي يونيفرسيتي» اناستاسيا نسفيتيلوفا. وسعى «بنك أوف انغلاند» الى تهدئة القلق في شأن مواجهة أزمة ائتمان حادة شبيهة بالأزمة المالية في 2008 و2009 عبر الإعلان عن ضخ سيولة في النظام المالي في الاسابيع التي تسبق وتلي الاستفتاء. ولكن الشركات تريد اختبار قدرتها على الاستجابة أمام سيناريوات متشائمة بهدف تقليل الأخطار. وقالت نسفيتيلوفا أن ذلك «يتضمن اختبار مدى مقاومة صناديقها وضمان متانة حصيلتها أمام أزمة سيولة كثيفة وممتدة واحتساب احتياجاتها من الموظفين في حال نقل انشطتها خارج لندن». وتوقعت شركة «ذا سيتي يو كي» وهي من الشركات المؤثرة على السياسات الاقتصادية أن لندن قد تخسر نحو مئة الف وظيفة في القطاع المالي أي وظيفة من كل سبع في حال اختيار الخروج من الاتحاد. ولم تنشر سوى قلة من شركات وسط الأعمال توقعاتها في هذه الحالة ولكن «اتش اس بي اس»، اول بنك بريطاني وأوروبي، حذر من انه قد ينقل نحو الف وظيفة من لندن الى باريس، في حين قال «دويتشه بنك» الألماني انه يدرس مسألة نقل أعداد من موظفيه. بصورة عامة، تحرص المؤسسات المالية على التكتم على مشاريعها. اذ اكتفت المديرة العامة للعمليات التجارية والخاصة لدى بنك «رويال بنك اوف سكوتلند» بالقول «سنراجع طريقة عملنا بهدف خدمة عملائنا بالطريقة الأمثل في حال الخروج من الاتحاد الاوروبي». واتخذ بعض عمالقة الوسط المالي مثل «باركليز» موقفاً واضحاً مؤيداً للبقاء في الاتحاد الأوروبي لكن معظم الشركات تفضل التعبير علانية عن موقف محايد تجنباً لردود فعل مؤيدي الخروج ومن اتهام الأوساط المالية المؤيدة للبقاء بالتآمر. غير ان بعض الشركات مثل «رويال بنك اوف سكوتلند» تعلن حيادها، غير أنها تحذر في الوقت نفسه بأن الانفصال عن بروكسيل ينطوي على «أخطار» عدة.