قالت شركة «مصر للطيران» أمس إن لجنة التحقيق في حادث طائرتها التي سقطت قبل أيام في البحر المتوسط، بعد دقائق من دخولها المجال الجوي المصري قادمة من فرنسا، ستستعين بشركات أجنبية في عملية البحث عن الصندوقين الأسودين، فيما رفضت الخارجية الأميركية ترجيح فرضيات حول ملابسات تحطم الطائرة التي كان على متنها 56 راكباً إضافة إلى عشرة من طاقمها، وشددت على ضرورة «السماح للتحقيقات أن تأخذ مجراها في هذه المرحلة». وكان التلفزيون المصري أفاد صباحاً أن شركة «مصر للطيران» ستستعين بشركتين - إحداهما فرنسية والأخرى إيطالية - للمساعدة في عمليات البحث عن الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، قبل أن يسارع رئيس الشركة صفوت مسلم إلى نفي حصول ذلك مؤكداً أن الشركة «لا تملك حق طلب الاستعانة بشركات أجنبية لهذا الغرض»، مشيراً إلى أن لجنة التحقيق «هي صاحبة الحق في ذلك». ولم يحدد مسلم الشركتين اللتين ستشاركان في البحث لكنه قال في مؤتمر صحافي إنهما يمكنهما البحث على عمق ثلاثة آلاف متر. ونقلت «رويترز» عن مسلم قوله في المؤتمر الصحافي: «فرق البحث عن طائرة باريس استعانت بشركتين فرنسية وإيطالية للبحث عن الصندوقين الأسودين للطائرة فى أعماق المتوسط وعلى عمق ثلاثة كيلومترات». ولم يتم بعد تحديد مكان الطائرة أو صندوقيها الأسودين اللذين يمكن أن يفسرا سبب سقوطها في رحلتها من باريس إلى القاهرة بعد دخولها المجال الجوي المصري. ويعتقد أن الصندوقين الأسودين على عمق يصل إلى ثلاثة آلاف متر في المياه وهو تقريباً أقصى عمق يمكن منه التقاط الإشارات التي تصدر مرة كل ثانية. ويقول خبراء البحث إن هذا يعني أنه يجب الدفع بأجهزة سمعية في المياه على عمق يصل إلى ألفي متر من أجل توفير أفضل الظروف لالتقاط الإشارات التي يرسلها الصندوقان الأسودان لمدة 30 يوماً. وحتى وقت قريب كانت مصادر من قطاع الطيران تقول إن البحرية الأميركية أو شركة «فينيكس انترناشيونال» المتعاقدة معها تعتبران من ضمن مصادر قليلة تستطيع توفير المعدات اللازمة للبحث على الترددات الصحيحة للإشارات التي يبثها الصندوقان على هذا العمق الكبير. وقالت البحرية الأميركية الثلثاء إنها لم يطلب منها تقديم المساعدة. وقالت مصادر من لجنة التحقيق المصرية في وقت سابق أمس إن الطائرة لم تظهر أي علامة على مواجهة مشكلات فنية قبل الإقلاع من باريس. وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها إن الطائرة اختفت من على شاشات الرادار بعد أقل من دقيقة من دخولها المجال الجوي المصري - وعلى عكس تقارير واردة من اليونان - لا توجد إشارات على انحرافها بحدة قبل تحطمها. وذكرت المصادر أن أفراد الطاقم لم يتصلوا بالمراقبين الجويين المصريين. وقال مسؤول في الطب الشرعي المصري إن جهود البحث أسفرت منذ يوم الأحد عن العثور على أشلاء ملأت 23 حقيبة لكن أكبرها لا يزيد حجمه على كف اليد. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن صغر حجم الأشلاء يشير إلى وقوع انفجار على متن الطائرة على رغم عدم العثور على أي آثار لمتفجرات. لكن هشام عبدالحميد رئيس مصلحة الطب الشرعي في مصر قال إن هذه مجرد افتراضات وإن من السابق لأوانه الوصول إلى استنتاجات. وقال مصدران آخران على الأقل مطلعان على التحقيقات إن من السابق لأوانه معرفة سبب سقوط الطائرة في البحر. في غضون ذلك، نفى مسلم أي تداعيات للحادث على حركة السفر عبر شركته، مؤكداً أن مصر للطيران «حتى الآن لم تتلق إخطارات أو طلبات بإلغاء رحلات مجدولة، وأن نسبة المبيعات لم تتأثر بالحادث»، لافتاً إلى أنه «على العكس، هناك تعاطف كبير مع مصر للطيران من المصريين، ولاحظنا أن المبيعات على الشركة زادت خلال الأيام الأخيرة». وشدد مسلم على أن جميع الرحلات «تقلع في موعدها المتفق عليه وطبقاً لجداول التشغيل، وذلك بنسبة 85 في المئة، بينما نسبة إقلاع الرحلات العالمية 75 في المئة»، مشيراً إلى أن «الراكب المصري يشكّل نحو 70 في المئة من مبيعات الشركة داخل مصر ... وخطة الشركة التسويقية المعتمدة منذ فترة تسير كما هو مخطط لها ولم يتم أي تغيير». وأكد رئيس مصر للطيران أن الشركة لم تتأخر في رعاية أسر ضحايا الطائرة المنكوبة، و «نقوم بتقديم كافة التسهيلات اللازمة لهم، وبالنسبة إلى شهادات الوفاة مصر للطيران غير مختصة بها ولكننا نقدم كل المساعدة لأسر الضحايا لإنهاء إجراءات استخراج تلك الشهادات من الجهات الرسمية». وانتهى أمس فريق من أطباء مصلحة الطب الشرعي من سحب عينات الحمض النووي من أسر وأهالي الضحايا في مطار القاهرة، لاستخدامها في تحديد هوية الأشلاء التي وصلت. وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر «إن من الضروري السماح للتحقيقات الخاصة بطائرة مصر للطيران التي اختفت أن تأخذ مجراها في هذه المرحلة»، مشيراً في تصريحات أبرزتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إلى أنه «لا يمكن استبعاد شيء في ما يتعلق بهذه الرحلة». وقال المتحدث الأميركي: «غالباً لا توجد إجابات فورية في مثل هذه المواقف ما قد يثير شعوراً بالإحباط». وحول ما إذا كانت الحكومة المصرية طلبت مساعدة الولايات المتحدة، قال تونر إن بلاده قامت بنشر طائرة من طراز «بي 3 - أوريون» للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ في حين لم تتلق أي طلب للمساعدة أبعد من ذلك.