بقدر هائل من الدهشة المقرونة بكمية من التساؤلات، يتداول جيل شاب في السعودية ممن هم في الثلاثين وما دون من أعمارهم، صورا وحكايات تتناول الواقع الذي كانت تعيشه المدارس السعودية والأندية الرياضية والعسكرية قبل أكثر 40 عاما، من حيث التسامح مع الفنون، وحضور الموسيقى في النشاط المدرسي، والحياة اليومية للمجتمع، فيما لا تبدي أول امرأة تتقلد منصبا قياديا في الإذاعة السعودية المذيعة السابقة دلال عزيز ضياء التي تقاعدت قبل 5 سنوات أي دهشة حيال الأمر، وتروي لـ"الوطن"، أن ذلك كان أمرا عاديا قائلة: "الصورة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، أيقظت ذاكرتي وأعادتني إلى ما قبل أكثر من 40 عاما، حين كانت الموسيقى حاضرة في مدرستي دار الحنان بجدة، مثلما هي حاضرة في مدرسة أخي الفنان ضياء الثغر، ضمن المنهج الدراسي، مثلما كانت موجودة في حفلات كل مدارس التعليم العام التي كان يحضرها أهالي الحي بكل البهجة، بعيدا عن تأثيرات التشدد التي طالت التعليم مع مطالع الثمانينيات من القرن الماضي. صالات سينما عالمية كان النادي العسكري في الطائف إبان طفولتي نافذة حضارية تقام فيه المحاضرات الثقافية لعلماء الأمة ذلك الوقت، كما تقام على نفس المسرح مسرحيات معظمها مستقى من الأفلام المصرية الرائجة ذلك الوقت مثل أفلام إسماعيل ياسين الذي كان له قصب السبق في التقليد والمحاكاة، وكذلك أفلام شارلي شابلن. أما السينما، فبعد أن احترق المسرح استلم الزمام بعض المواطنين وأقاموا مواقع لعرض الأفلام مثل سينما الشهري وكان موقعها خلف صيدلية بخش التي تقع على مدخل شارع خالد بن الوليد، وسينما الششة وكانت تقع في آخر حي البخارية بالقرب من وادي وج، وسينما لا أذكر اسمها كانت أمام الحرس الوطني والمفارقة أنها كانت قرب منزل الشيخ عبدالرحمن آل الشيخ (رئيس الأوقاف بالطائف وإمام مسجد ابن العباس)، وكانت فرقة الجيش بقيادة الفنان طارق عبدالحكيم لها دور كبير في إقامة الحفلات داخل النادي وخارجه، حيث كانت تقام احتفالات في فترة الصيف عند مقدم الحكومة السعودية إلى الطائف التي تتحول إلى عاصمة البلاد. احتفالات طوال الصيف أمام مستشفى الملك فيصل وهو الموقع الذي أقيم عليه "كازينو نجمة" عند افتتاحه في التسعينات الهجرية، وكانت الاحتفالات أيضا في الركيب أو(الركبان) وهو المنطقة الممتدة حاليا من الهاتف السعودي بالاتجاه شمالا حتى قصر شبرا، حيث كانت هذه الملاعب تظهر بحلة عجيبة بوجود الفرق الشعبية التي تقدم عروضها والأهازيج والتراث الغنائي لألوان الفلكلور السعودي، تقام عصرا وبعد العشاء كانت تنصب المنصات ويأتي الطرب الأصيل مع طارق عبد الحكيم وعبدالله محمد ومسفر القثامي في أول بداياته وغيرهم من الفنانين وأيضا طلال مداح حيث كان أصغر الفنانين وقد قدمه طارق عبدالحكيم، وانتقلت الاحتفالات من النادي العسكري إلى خارجه تدريجيا. الأبرز في النادي كانت "صالة السينما والمسرح" حيث تم تصميمها كأحدث الصالات العالمية الموجودة، وكان يعرض بها جميع الأفلام الحديثة وتقام على مسرحها المسرحيات، وكان الملك سعود بن عبدالعزيز (رحمه الله) أحد أهم الشخصيات التي حضرت احتفالا وعروضا مسرحية بمسرح النادي العسكري بالطائف. أهل الطائف لا ينسون الاحتفالات والاستعراضات التي كانت تقدمها فرقة الجيش والتي كان لها في ذاكرة الطائف أعظم التأثير طوال العام.