استمع لماذا أكتب الآن؟؟ حقيقة لا أعرف في هذه اللحظات لماذا أكتب؟ هل أكتب لتفريغ شحنة عاطفية بالغة الأسى؟ الخوف، الغضب، الألم، التعاطف، الرحمة، الحذر... ربما كل هذا معاً. فمنذ أن سمعنا بخبر مقتل عبيدة بطريقة نكراء بشعة، والمشاعر كلها في اضطراب وهياج، لن يخفف اضطرابها إلا الدعاء للخالق بأن يتغمد عبيدة بواسع الرحمة والرضوان، وأن يلهم ذويه بوافر الصبر والسكينة ويمسح على قلوبهم مسحة تخفف عنهم جزع الفقد والمصاب الجلل... وبالرغم من أن جرائم اختطاف الأطفال قد نشاهدها في الأفلام السينمائية إلا أنني لم أتخيل وغيري بالتأكيد، مجرد تخيل، أن أحدا من أبنائنا أو أقربائنا يمكن أن يحدث له هذا، خاصة وأننا نعيش في مجتمع ولله الحمد سمة الأمن والأمان هي الغالبة عليه. ويبدو أن هذه السمة تحديدا هي ما جعلت وقع الصدمة وفداحة الحدث أكثر ألما على الجميع... لكن دعونا نعترف أننا أمام جريمة مرتكبها مريض نفسي من الدرجة الأولى، ومهما سعى المجتمع للحفاظ على أمن وأمان أفراده فهو لن يستطيع الكشف عن المرضى النفسيين، خاصة انه مرض شديد التعقيد والخفاء، وقد لا يكون واضحا لصاحبه ذاته، حتى انه قد لا يدرك انه مسكون بذئب كبير قد يقضي على أي من أفراد المجتمع وصاحبه معا في أية لحظة. كيف ستستطيع أجهزة الدولة نزع القناع من على وجه كل وحش بشري متخف؟؟ سؤال تصعب الإجابة عليه، لكن علينا دوما البحث باتجاه الحل في أية قضية وأول الحلول يبدو لي في مثل هذه القضايا هو حديثنا مع أطفالنا بكل صبر وسلاسة وحب لإفهامهم أن عليهم ألا يتحركوا إطلاقا مع أي كان، ومهما كان الشخص قريباً أو صديقاً للعائلة دون إبلاغ الوالدين واستئذانهما، فالمرض النفسي، خاصة الوحشي منه لا يفرق بين قريب أو غريب. هذا على صعيد الأهل، أما على صعيد المسؤولين فإن استفهاماً كبيراً صُدِم به الجميع بعد صدور الخبر من الجهة الرسمية وهو الإعلان بأن القاتل من أصحاب السوابق !! فكيف بمجتمع كمجتمع الإمارات المشهود له بالدأب على حماية أهله والمقيمين فيه بالسماح لأصحاب السوابق بالتواجد بين أفراده، خاصة وإن كانت هذه السوابق تتماثل وجرائم المجرم كالاختطاف واللواط والقتل؟ ورغم أننا نثق بعدالة القضاء الإماراتي وليس تدخلا بسير إجراءاته، إلا أننا نتمنى بسرعة القصاص العادل لجريمة بشعة ضمت جرائم عدة بلا أدنى شعور بالشفقة أو الرحمة بطفل. خبر مفجع...ومصيبة فادحة... ومشاعر مجتمع كلها متأثرة لأقصى حد...وليس علينا الآن إلا الدعاء لله تعالى أن يرحم عبيدة وأهله والمجتمع كله. فمن كان يظن أن حلماً بريئاً لطفل بالسكوتر يجره إلى ذلك المصير..قد لا نستطيع تحقيق أحلام أبنائنا كلها بل على العكس قد يكون من الضرر الاستجابة لكل رغباتهم ومتطلباتهم التي قد يكون بعضها محفوفا بالمخاطر والأذى، لكننا بالتأكيد نستطيع أن نحاورهم من آن لآخر، ونحن نثق بذكائهم الفطري بكل ما من شأنه أن يحقق لهم أمنهم النفسي والجسدي وأول تلك المتطلبات أقولها وسأظل أقولها دون ملل هو عدم السماح لهم بالذهاب مع أي كان الشخص قريباً أم غريباً دون إخبار الوالدين واستئذانهما في ذلك. رحم الله عبيدة وجعله من طيور الجنة السعداء وعوض والديه الخير والسكينة وحفظ أبناءنا جميعا من كل أذى وضر.. أحمد علي الحمادي Ahmed.alhammadi707@gmail.com