عندما زار محافظ لندن السابق، كين ليفنغستون، بلدة ويمبورن البريطانية، للمشاركة في حدث ثقافي، تعرض للانتقاد، لأنه دافع عن عضو البرلمان من حزب العمال ناز شاه، بعد أن قالت إنه ينبغي إرسال يهود إسرائيل إلى الولايات المتحدة لحل مشكلة الشرق الأوسط. وكشف العمدة السابق في هذه المناسبة عن معلومات لديه، تفيد بأن زعيم الحزب النازي الألماني ادولف هتلر، قدم الدعم والمساعدة للحركة الصهيونية، وإثر ذلك انفتح عش الدبابير على الرجل من الصحافيين البريطانيين والعالم، دون أن يدقق أحد في منشأ هذه المعلومات، ومن أين استقاها الرجل السبعيني، خصوصاً أنه سياسي مخضرم. لكن انتقادات رجال الصحافة الغربيين، الذين يتحولون إلى منافقين خانعين كلما تعلق الأمر بإسرائيل، أخذت طابع التهديد للعمدة السابق، لعلمهم المسبق بما لإسرائيل والجاليات اليهودية في العالم من نفوذ وسيطرة. وسألت صحيفة ديلي ايكو البريطانية العمدة السابق عما إذا كان لا يخشى تلطيخ سمعته إلى الأبد بعد هذه التصريحات، وعما إذا كان مديناً للجالية اليهودية البريطانية باعتذار، فأجابها الرجل بكل صراحة بأنه لم يُعرف عنه بأنه كذب يوماً أمام العامة، وأنه ليس مديناً لأحد باعتذار، مضيفاً أنه لا يرى أي أهمية للسياسة إذا كان المرء عاجزاً عن قول ما يؤمن به. وقال ليفنغستون في تعليقاته حول الموضوع إنه في ثلاثينات القرن الماضي، وعندما فاز هتلر بالانتخابات في ألمانيا، اتفق مع الحركة الصهيونية على نقل اليهود الألمان إلى فلسطين. وفي واقع الأمر، فإن هذه الحقيقة تدعمها أدبيات عدة، تتعلق بنكبة فلسطين وعمليات نقل المهاجرين اليهود إليها. وأشهرها رواية أرض الميعاد، للكاتب الروسي يوري كاليسنكوف، المكتوبة في فترة النكبة، وهي تروي قصة بطل الرواية، الذي يعتقد بأنه هو نفسه الكاتب، وكيف تعرض للعذابات والقمع على أيدي رجال الدين المتطرفين خاصة، لأن زوجته يونانية مسيحية، الأمر الذي جعله كافراً بنظر رجال الدين، الذين فعلوا الأفاعيل به وبزوجته كي يتخلص منها ويتزوج أخرى يهودية. والأمر المثير للاهتمام في هذه الرواية المكتوبة في فترة الأربعينات من القرن الماضي، حسب بطل الرواية، واسمه حاييم فولديتير، أنه كان يفاجأ بمدى التشابه بين الشعارات والمبادئ الصهيونية وتلك التي شاهدها لدى النازيين، إضافة إلى اطلاعه من خلال عمله في شركة استيراد وتصدير، أنه يعمل في مكان لتمويه تهريب الأسلحة الألمانية إلى فلسطين. والغريب أن أحد الصحافيين البريطانيين يعترف بأن الصهيونية تعاملت فعلاً مع النازية لنقل اليهود إلى فلسطين، لكنها لم تتعامل مع هتلر، وهي مغالطة غير معقولة، إذ من غير الممكن أن يتفق الحزب النازي مع أي طرف دون اطلاع وموافقة رئيسه.