تعرف الشائعة بأنها أخبار مصطنعة يتم تداولها بأية وسيلة دون الإشارة إلى مصدرها وهي غالباً ما تكون كاذبة وتتعرض للتحريف والزيادة. والشائعات من أشد الأسلحة الفتاكة التي تلحق الضرر ليس بالأفراد فحسب بل بالمجتمعات ، وقد استخدمت الشائعات كسلاح أثناء الحروب قديماً وما زالت حتى يومنا هذا. ومن أكثر القطاعات تأثراً بالشائعات هو المجال الاقتصادي والمالي ولا تزال ذكرى إشاعة إفلاس بنك انترا اللبناني في الستينات حاضرة في الأذهان حيث تسببت شائعة في قيام كثير من المودعين بسحب أرصدتهم مما عرض البنك لإشهار إفلاسه. وقد ساعد التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال والإعلام على انتشار الشائعة من خلال استخدام وسائل الاتصال الحديثة والتي تصل إلى نطاق عريض جدا من الجمهور بأقل تكلفة وفي فترة زمنية قياسية. ومما لا شك فيه أن انتشار الشائعة له مردود سلبي على اقتصاد أية دولة من خلال زعزعة ثقة المستثمرين بسلامة الاقتصاد الوطني ومتانته. وأكثر القطاعات التي تتأثر بالشائعات هي أسواق المال ، انعكاسا للمقولة إن رأس المال جبان. ولم تسلم الإمارات من حرب الشائعات التي يطلقها ويروج لها مجهولون ولأغراض ودوافع مجهولة ولكن ليست شريفة قطعا. فمنذ سنوات وأثناء الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على الدولة انتشرت شائعة مضمونها أن الأجانب المقيمين في الإمارات يغادرونها وأن آلافاً من السيارات قد تركها أصحابها في مواقف المطار دون تسديد أقساطها. وانتشرت هذه الشائعة على شكل واسع وتداولتها وللأسف وسائل إعلام غربية يفترض فيها الرزانة والمصداقية والتثبت ، إلا أن الأمر حين يتعلق بدولة عربية، خاصة إذا كانت هذه الدولة قد أثبتت نجاحها، فإن معايير المصداقية الإعلامية تتلاشى وتتصرف وسائل الإعلام الغربية، حتى المعتبرة منها، حينها وكأنها حكواتي ينحصر دوره في سرد الروايات الخيالية. ومؤخراً انتشرت شائعة مضمونها أن دائرة التنمية الاقتصادية تقوم بتغريم كل من يشير إلى أو يذكر أن الوضع الاقتصادي لإمارة دبي سيئ. وقد تم تداول الشائعة على نطاق واسع واعتبرها الناس أمراً مسلماً لا يحتاج إلى تأكيد ، وحسناً قامت دائرة التنمية الاقتصادية بإصدار بيان رسمي يكذب هذه الشائعة. ومثل هذه الشائعة ليس أثرها في الإشارة إلى الغرامة المزعومة ولكن لأنها تفترض ضمناً سوء الوضع الاقتصادي للإمارة وكأنه أمر ثابت دون أن يكون لذلك أية أسس منطقية أو حتى تخمينية. إن الشائعات تشكل اليوم حرباً يتعدى أثرها الحرب المادية لأنها تلحق أشد الضرر بالمجتمعات والدول وباقتصاداتها. وهذا الأمر يستلزم معالجة تشريعية تعاقب من يثبت تورطه في ذلك بسوء نية. ومع أن قانون العقوبات يتضمن فصلاً يتعلق بالجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني إلا أنه يتحدث عن أفعال مادية محدودة الأثر مع أن ضرر الشائعات قد يكون أكبر وأشد من الأفعال المادية الواردة في قانون العقوبات. ومن ناحية أخرى فإن الشائعة هي أزمة وتحتاج إلى إدارة فعالة للتعامل معها وتطويق آثارها والرد عليها وتفنيدها بشكل مستمر من قبل مسؤولين يقومون بتوفير المعلومة الصحيحة حتى لا يترك الجمهور أمام مصدر واحد غير موثق لمعلومات غير صحيحة.