×
محافظة حائل

أمير حائل يتابع حادثة المقص المنسي في بطن مريض

صورة الخبر

لماذا اضأت النور؟ إذاً أنت لم تنامي منذ أمس اخرجي وأغلقي الباب خلفك جيداً   *** < رائحة الدخان تملأ أجواء الغرفة تدخل في كل فراغ وزاوية، الظلام سيد المكان يفترش الأرضية والسقف والجدار لم يترك مجالاً للنور والرؤية، تعبث بأوراق بين يديها تضع واحدة هنا واخرى في الجهة المقابلة لها تكرر ذلك مرات عدة على رغم انعدام الرؤية. يرتفع صوت الموسيقى عالياً ينافس حدة الظلام، ترقص على نغمات شرقية ذات إيقاع قديم مرتدية بدلتها المز كرشة صارخة الألوان، تبرز انحناءات جسدها كرمال ناعمة بكر، لم تستر غير اجزاء منه، يتلاعب جسدها على نغمات الموسيقى بحركات ساخنة وهزهزات ملتوية تثير الظلام وتذوب في المكان، ليتحد الجميع في رقص عابث ومجنون يحكي قصص الكون، تفضحها اقدامها الغاضبة المختبئة خلف قضبان الجسد، تعشق الدوران تدور بالغرفة مرات عدة مقتبسة حركات الصوفية لتنزع الالم والوحدة لتخرج من الجسد وكأنها تطهر ما تبقى منه. *** اطفئوا النور، لقد بدأ العرض، تتقدم بأقدامها الصغيرة الناعمة، تضرب قدمها اليمنى ارض المسرح تحركها كيف ما تشاء، تثبت للحضور قدومها بقوة واعتزاز، تتبعها قدمها اليسرى التي اعتادت أن تأخذ الدور الثاني بتفهم ومساندة، تتمايل بدلع الأنثى ترتدي عباءة الحياء مخبئة بداخلها نيران الخطيئة، تعلم ذلك مع كل رقصة أن هناك ما يثير جنونها، تتلذذ برؤية ملامح الرجولة أمامها خاضعة، ذليلة، تتوسل رقصة أو قبلة، تتأمل كم من كبرياء يذوب، وكم من نفوذ وقوة تنهار، تشعر بنشوة المنتصر، تتأمل الحاضرين لا فرق بينهم، تشابهت ملامحهم وكأنهم في معركة حرب اختفت الملامح فلم تستطع أن تفرق بين القبيح والجميل، السمين والنحيف، تحاول، تكمل وصلتها بإتقان تحرك خصرها برشاقة معهودة تقترب أكثر من الطاولات التي فصلت بشكل دائري خصيصاً للمكان لتسمح لها العبور بحركاتها البهلوانية والانسيابية. *** يرتفع صوت الموسيقى يردد الحضور كل الأغاني والألحان، يتمايل البار ليسقي كل الحضور سمومه وسحره وحيرته، تتمايل هي بشعرها الغجري أكثر عنفاً وجرأة للأمام للخلف وأقدامها لا تكل ولا تمل، يصدر خلخالها رنيناً لا يسمعه غير المتشابهون، تتخيلهم تحت أقدامها تدهس الواحد تلو الآخر، تبصق عليهم يا كلاب، تفيق من غيبوبة الأفكار، تحاول أنها وصلتها. *** تفتح عينيها قليلاً أه، ما زلت في غرفتي، أين اختفى الحضور؟ تسأل لم يبق معي غير الموسيقى والظلام، تضحك بقوة، بقي شيء واحد فقط صديقتي ومعشوقتي التي طالما أتحدث تنصت لي تفهمني وتنير وحدتي، تضحك، بل تحرق نفسها من أجلي، تبحث عن الولاعة، تضيء الغرفة قليلاً تظهر بعض الأغراض المرمية على الأرض ونصف لوحة معلقة على جدار تحكي قصة بحر، تضع السيجارة في وسط شفتيها التي تميل لزرقة وقد امتلأت تشققات بائسة، تأخذ سيجارتها بنفس طويل لا تقطعه حتى يصل لكل خلايا الجسد وتزفره ببطء شديد تنثر معه كل الهموم والوحدة، تذهب للبعيد، تلغي الحدود الزمنية والمكانية، تصبح مساحة الغرفة أكثر اتساعاً، تشعر براحة ترغب بالطيران، تردد كم أنا جميلة لم يتغير شيء، ها هي أقدامي صغيرة وناعمة، تحملني متى ما أشاء، وما زال جسدي مطيعاً ووفياً، وما زالت صحبتي ترافقني كل ليلة موسيقى، وظلام، والسيجارة، والرقص المجنون، لم أعد أعشق رؤية الحضور، لا يهم أين الحضور، كرهت أنوفهم الطويلة، ورائحة أجسادهم العفنة ومنظر لعابهم المقزز الذي يميل للاصفرار، تضحك لا اعلم لماذا أشاهدهم عراة لا تستطيع الملابس أن تستر عيوبهم وأجسادهم، كانوا يتشابهون في حكاية الرواية، جميعهم يبحثون عن نصفهم الآخر، تضحك بهستريا، كيف لم يجدوا نصفهم الآخر؟ وقد اعتلى الشيب رؤوسهم، وتجعدت ملامحهم كالورقة خريف هشة وجافة، تردد أنا ما زلت؟ لكن ملامح وجهي اختفت منذ زمن بعيد، تسرح قليلاً ربما كنت أشبههم فليست لدي ملامح، هل أنفي طويل؟ هل رائحتي تشبه رائحتهم، أطفئوا النور، أطفئوا النور.. من أضاء النور؟