نجحت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان صاحب السمو حاكم دبي خلال فترة لا تتجاوز 3 أشهر، في حل قضية شائكة ومعقدة بين شركة لتطوير أنظمة المعلومات والبرامج الإلكترونية، ومدير العمليات بذات الشركة استغل منصبه للاستيلاء على 20 مليون درهم ، بعد أن استمرت القضية في محاكم الدولة لفترة تزيد على 4 سنوات. وأوضح هاشم سالم القيواني مدير عام إدارة الخبرة وتسوية المنازعات لـالبيان أنه تم التعاون مع خبير تقني مختص لحل القضية، نظراً لوجود الجانب التقني في محتواها، ويقدّر تطوير ودعم البرنامج، الذي تم تطويره من قبل الشركة لصالح جهة حكومية في الدولة بمبلغ يقارب 30 مليون درهم، حيث قام المتهم باستغلال منصبه والصلاحيات المخولة له والثقة، التي كسبها خلال عمله بالشركة لمدة تزيد على 15 سنة، وحاول الاستيلاء على مبلغ يفوق 20 مليون درهم من المبالغ المحصلة جراء التعاقد مع جهة حكومية بالدولة، مشيراً إلى أنه من خلال دراسة المستندات والاطلاع على إجراءات العمل بالشركة والبرامج المطورة بها تم حل القضية. استغلال المنصب وأشار إلى أن المتهم الذي يشغل منصب مدير عمليات للشركة والذي يعمل بها لفترة تزيد على 15 عاماً، استغل منصبه وتحايل على الشركة إذ أنشأ شركة أجنبية وهمية في الولايات المتحدة الأميركية مع شركاء آخرين أحدهم كان مديراً للشركة المحلية في وقت سابق، وأقنع المتهم أعضاء مجلس الإدارة بشراء البرنامج المطلوب من الشركة الأميركية، وأوهمهم بأن تطوير البرنامج المطلوب لإحدى أكبر الجهات بالدولة سيستغرق جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً للتنفيذ، وبالتالي سترتفع قيمة العرض وفترة تنفيذه، وستفقد الشركة الفوز بتلك المناقصة، وأكد لهم أن البرنامج المطلوب موجود وجاهز لدى الشركة الأميركية ويمكن شراؤه منها، وعرضه للجهة الحكومية الراغبة به بسعر منافس، كما استغل المتهم علاقاته السابقة بالموظفين في هذه الجهة الحكومية، وعمل على توثيق عمليات وإجراءات التعاقد مع الشركة الأميركية التي أوهمهم بها، لمساندة موقفه أمام مجلس الإدارة وزيادة ثقة الجهة الحكومية بالمنتج المطور من قبل شركة أميركية ذات خبرة في المجال. لم يدخل الشك إلى قلب أعضاء مجلس الإدارة وإدارة الرقابة الداخلية حول وجود أي تلاعب، فلم تكن لديهم الخبرة في المجال التقني، إضافة للثقة الزائدة التي كان يحظى بها المتهم من قبل الجميع في الشركة طوال سنوات عمله ومعرفته للإجراءات المتبعة، ثم قام المتهم بتوثيق مراحل التعاقد مع الشركة الأجنبية، إلا أن أحد الموظفين في الشركة، وأثناء صرف إحدى الدفعات للشركة الأميركية، وبمحض الصدفة مر عليه أحد مطوري البرمجيات بالشركة المحلية وبداعي الفضول قام بسؤاله عن الشركة الأميركية فأكد مطور البرمجيات عدم معرفته أو سماعه عنها، وبسؤاله عن تطوير البرنامج المطور للجهة الحكومية أفاد بأنه تم تطوير البرنامج الإلكتروني وجميع محتوياته وأنظمة الربط الخاصة به داخل الشركة المحلية دون أي تدخل من الشركة الأمريكية المذكورة أو أي شركة أخرى. شيفرة المصدر وأضاف القيواني: تم الوصول إلى الخيط الفاصل لحل القضية بطلب نسخة شيفرة المصدر للبرنامج المطور من المتهم (قبل تسليمه للشركة المحلية)، حيث لم يقم بإثبات استلام أي نسخة من شيفرة المصدر، وعوضاً عن ذلك قام بتسليم الخبير التقني نسخة من البرنامج بعد تسليمه للجهة الحكومية، وزيارة مقر الشركة المحلية، والاطلاع على البرامج المطورة من قبل مطوري البرمجيات لديها، ومقارنة شيفرة البرنامج المطور مع شيفرة البرامج الأخرى داخل الشركة المحلية، وكذلك مطابقة الكثير من الشفرات ومعايير التشفير المتبعة للبرمجة بالبرنامج والبرامج الأخرى داخل الشركة المحلية، إضافة إلى وجود اسم مطوري البرمجيات في الشركة المحلية في أماكن عدة في شيفرة البرنامج المستلم من المتهم، وشيفرة البرنامج المستلم من الشركة المحلية، ما أثبت أن البرنامج المطور تم تطويره داخل الشركة المحلية. وأفاد المتهم وقتها بأن الشركة الأميركية لا تحتفظ بشيفرة المصدر لمدة تزيد عن السنتين، وذلك بسبب سياستها الخاصة بتقديم دعم فني وصيانة للبرامج والتحديث المستمر لآخر إصدار من أجل زيادة رضا ومتطلبات العملاء، إلا أنه لم يتوفر أي إشعار لاستلام أو تطبيق تحديث على البرنامج، الذي تم تطبيقه لدى الجهة الحكومية، ولم يتم إثبات بيع الشركة الأميركية للمنتج لأي من الجهات الأخرى حول العالم أو حتى برامج أخرى تم تطويرها من قبل هذه الشركة الوهمية. المواصفات الفنية وقال القيواني: بالاطلاع على ملفات المواصفات الفنية التي تم توفيرها من قبل المتهم لاحظنا وجود بيانات لتطوير النظام تحتوي على طلبات لا يمكن لشركة متواجدة خارج الدولة معرفتها، وتبين أيضا وجود اسم مطوري البرمجيات لدى الشركة المحلية في ملفات المواصفات الفنية، ما يؤكد عدم مشاركة الشركة الأميركية بتحديد المواصفات الفنية، وبالاطلاع على تاريخ إنشاء ملفات المواصفات الفنية للبرنامج المطلوب تبين أنه قد تم إنشاؤه في فترة تقل عن أسبوع بعد إنشاء الشركة الأميركية، ما دل على عدم وجود البرنامج لدى الشركة الأميركية. الدفع الإلكتروني وتبين لدى الخبرة التقنية وجود ربط إلكتروني ضمن البرنامج المطور مع جهات عدة داخل الدولة ومنها خدمة الدفع الإلكتروني، حيث تم إدخال بيانات الربط في البرنامج المطور بناء على بيانات تم إرسالها من قبل هذه الجهات إلى الشركة المحلية مطورة البرنامج، وتم طلب المراسلات مع الشركة الأميركية بما يتعلق بالربط الإلكتروني مع هذه الجهات إلا أنه لم يتم إثبات وجود أية مراسلات مع الشركة الأميركية أو أي شركة أخرى ما أكد أن البرنامج تم تطويره في الشركة المحلية، ومن جهة أخرى تمت مراجعة رسائل البريد الإلكتروني، واستلام تلك البيانات من قبل الشركة المحلية قبل تأسيس الشركة الأميركية، ما زاد من مصداقية تطوير البرنامج في الشركة المحلية. سجلات وعقود ومن خلال البحث في المواقع الرسمية لسجلات الرخص التجارية في الولايات المتحدة الأميركية تم العثور على سجل تسجيل الرخصة وإنشاء الشركة والسجلات السنوية لتجديد رخصة الشركة، والتغيير في إدارة الشركة خلال فترة تسجيلها، وتبين أن الشركة تم إنشاؤها بعد توقيع العقد بين الشركة المحلية والجهة الحكومية الطالبة للبرنامج، وبالاطلاع على سجلات إنشاء الشركة الأميركية في الولايات المتحدة الأميركية تبين وجود اسم المتهم كونه رئيساً للشركة الأجنبية، ما أكد أنه استغل منصبه لأغراضه الخاصة، ولإخفاء علاقته بالشركة تم تغيير اسم الرئيس خلال السنة التالية وتم إنشاء فرع للشركة داخل الدولة باسم مختلف، وذلك لتسهيل عمليات الدفع وعدم التعامل المباشر مع الشركة الأميركية، وبالاطلاع على العقود الموثقة بين الشركة المحلية والشركة الأميركية تبين وجود توقيع على عقود مختلفة غير موضحة اسم الموقع عن الشركة الأميركية أو تاريخ التوقيع واختلاف اسم الشركة في الختم عن اسم الشركة الأميركية. وأشار الخبير التقني التابع لإدارة الخبرة وتسوية المنازعات، إلى أنه بناء على ما هو متعارف عليه في تطوير البرامج فإنه يوجد نوعان للشركات التي توفر شيفرة المصدر لبرامج مطورة من قبلها، النوع الأول أن تسلم الشركة المالكة للبرنامج البرنامج للشركة المتعاقد معها لإضافة التغييرات على أجزاء معينة دون وجود أية صلاحية تغيير على أجزاء البرنامج الرئيسة وفي هذا النوع تكون الشركات معروفة وذات خبرة في مجال تطوير البرمجيات. والثاني أن تسلم الشركة المالكة للبرنامج جزءاً من البرنامج للشركة المتعاقد معها وبرمجة البرنامج للعمل على أنظمة الخوادم التجريبية ولا تعمل على الخوادم التشغيلية. توصيات أوصت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة بتحديد وتوزيع الأدوار والصلاحيات بين المديرين في الشركة، وتطوير أنظمة التدقيق الداخلي لديها وزيادة معرفتهم التقنية لتلافي الوقوع في قضايا الاختلاس المماثلة، مؤكدة أهمية تطوير الإجراءات الداخلية المتبعة بتوثيق الأعمال القائمة والاحتفاظ بالمستندات والبيانات المتعلقة بالعقود والتغييرات التي حصلت عليها، وزيادة التواصل بين الإدارات.