يبدأ القضاة الفرنسيون المختصون بمكافحة الإرهاب اليوم (الجمعة)، أول جلسة استجواب لصالح عبد السلام، العضو في الخلية المتطرفة المسؤولة عن مقتل 130 شخصًا في سلسلة هجمات وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ووصل المتهم البالغ من العمر 26 سنة في ساعة مبكرة اليوم، للاستجواب في وسط باريس، تحت حراسة أمنية مشددة وبمواكبة من الشرطة العسكرية ووحدات النخبة في الشرطة ومروحية. وتأمل السلطات أن يكشف عبد السلام تفاصيل عملية الاعتداءات، وأن يقدم معلومات عما إذا كان هناك أعضاء آخرون في الخلية متوارون أم لا. وكان عبد السلام، أكثر المطلوبين الفارين في أوروبا، حتى تعقبه واعتقاله في 18 مارس (آذار) الماضي، في حي مولنبيك في بروكسل حيث نشأ. ونقل إلى فرنسا تحت حراسة أمنية مشددة في 27 أبريل (نيسان) الماضي، واعتقل في سجن فلوري - ميروجي جنوب شرقي باريس. ويعتقد أن عبد السلام، وهو صديق الطفولة للمشتبه به عبد الحميد أباعود، لعب دورًا رئيسيًا ليلة تنفيذ اعتداءات باريس في 13 نوفمبر، وفي الإعداد لها. واعتقل شخصان آخران في فرنسا على علاقة بالاعتداءات التي نفذها تنظيم داعش، لكنّهما يعتبران مشاركين ثانويين. ولعب عبد السلام دورًا رئيسيًا، حيث نقل الانتحاريين الثلاثة الذين فجروا أنفسهم أمام استاد دو فرانس بشمال باريس. ويعتقد أنّه عدل عن تفجير نفسه. وعثرت السلطات على سترة محشوة بالمتفجرات في ضاحية بجنوب باريس على مقربة من المكان الذي حددت فيه بيانات هاتفية مكانه ليلة الاعتداءات. وظهر على كاميرات مراقبة في محطات وقود يفر إلى بلجيكا بعد أن حضر صديقان لنقله. ولعب أيضًا دورًا حاسمًا في التحضير للاعتداءات، حيث استأجر سيارات ومخابئ للمجموعة. كما نقل كثيرًا من المتطرفين في أنحاء أوروبا في الأشهر التي سبقت الاعتداءات، ومنهم نجيم العشراوي، الذي يعتقد أنّه أعد المتفجرات المستخدمة في اعتداءات نوفمبر، وأحد انتحاريي بروكسل في 22 مارس الماضي. وقتل في الهجمات المنسقة التي استهدفت أيضًا محطة مترو في بروكسل في ذلك اليوم، 32 شخصًا. وتأمل الشرطة الفرنسية أنّ يلقي عبد السلام الضوء على الصلة بين هجمات باريس وبروكسل، التي أعلنت شبكة مرتبطة بتنظيم داعش المسؤولية عنها. وقال محاميه الفرنسي فرانك بيرتون لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ عبد السلام «يريد أن يوضح بنفسه». غير أن قليلين يتوقعون الكشف عن معلومات رئيسية. وقال جيرار شيملا، محامي نحو 50 من ضحايا اعتداءات باريس وأسرهم إن «المحققين ليس لديهم موقوف سواه. يمكنه المساعدة إذا ما تعاون، إمّا بتأكيد عناصر التحقيق، أو تقديم معلومات جديدة». وأضاف: «غير أنّه يتعين علينا ألا نتمسك بكل كلمة يقولها وننتظر أي معلومات مثيرة»، مشيرًا إلى أن الشرطة قامت بعمل كبير في تفكيك الشبكة. وقال المحامي جان راينهارت الذي يمثل عددًا آخر من الضحايا: «عادة ما تتضمن جلسات الاستجواب الأولى الإنكار. ربما علينا أن نسمح للعملية أن تتكشف لبعض الوقت»، مفيدًا بأنّه لا يتوقع ندمًا أو أي «صدق كبير» من المشتبه به. أمّا سفين ماري، محامي عبد السلام قبل تسليمه من بروكسل فوصفه بـ«المغفل» وشبه «ذكاءه كمرمدة سجائر فارغة». كما وصف المحامي ماري عبد السلام بأنّه «من الأتباع أكثر منه قياديًا»، رغم أنّ البعض يقولون إنّه قد يراوغ لتخفيف مسؤوليته. وفي جلستي استجوابه في بلجيكا، أعطى عبد السلام الانطباع بأنّه لم يكن سوى أداة بيد أباعود وشقيقه إبراهيم، الذي فجر نفسه أمام مقهى باريسي في اعتداءات نوفمبر. غير أنّه أوقع بنفسه عندما قال إنّه لم يلتق أباعود سوى مرة، في حين أنّ للاثنين سجلاً من الجنح من فترة المراهقة في مولنبيك.