حين أدرك الفنان الأسترالي شون تان الذي نشأ وترعرع في بيرث بأستراليا الغربية أنه مضطر لحمل صفة أقصر طفل في المراحل الدراسية كافة وتحمل نظرات السخرية التي توخزه بها عيون الآخرين طوال حياته، عوّض نفسه بلقب الرسام الجيد الذي أهّله للتخرّج في جامعة واشنطن عام 1995 بمرتبة الشرف في الفنون الجميلة والأدب الإنجليزي. وخطا شون بسرعة سلم النجاح، منطلقاً من رسوماته في الخيال العلمي وقصص الرعب التي أتقنها خلال فترة مراهقته ونشرتها المجلات التي جعلت منه صحفياً صغيراً، ثم أصبح يحمل لقب أفضل رسام لكتب المواد الاجتماعية والسياسية والتاريخية المصورة عدا عمله مصمماً في المسرح وأفلام الرسوم المتحركة وفوزه عام 2011 بجائزة ليندغرين استريد تكريماً لمساهمته في أدب الأطفال الدولي بعد فوز كتابه الوصول الذي لا تحتوي صفحاته على كلمات بجائزة أدبية رفيعة المستوى من هيئة العلاقات المجتمعية في أستراليا عام 2007. ويروي كتاب الوصول ومن دون كلمات تفاصيل الهجرة القديمة التي حدثت عام 1900 من أوروبا إلى أستراليا وأمريكا من خلال رجل يترك زوجته وطفله في بلدته مسافراً في رحلة مجهولة تأخذه إلى ما وراء المحيط بحثاً عن حياة أفضل في مدينة جديدة، وعبّر شون بالصور المرسومة عن المعنى الحقيقي للهجرة مفسّراً إياه بصور سيقرؤها كل من يراها بمشاعره وليس بما أراد الكاتب قوله. وفي موقعه الإلكتروني كتب شون عن رحلة إنجازاته التي بدأت منذ عام 1996 ووقته المكرّس للكتابة ووضع الكتب المصورة التي لايعتبرها أدباً للأطفال بقدر توجهها لعموم القرّاء. إن أعمال شون المصورة والتي تهتم المؤسسات التعليمية في الغرب بإتاحتها للأطفال والكبار على حد سواء لمناقشتها وليعبر كل فرد عن رؤيته الخاصة تجاهها، تقودنا إلى المعنى الأساسي لتحفيز مهارات التفكير والتخيل التي ستمرن عقولهم وتفتحها على أهمية التفكير والتحليل والتفسير بتعمق البصر والبصيرة. لقد نجح شون بتحفيز مهارات التخيّل الذكي محطّماً به أسلوب قراءة الكلمات، مانحاً الأبصار والبصائر ريشة تصور المستقبل، لينجح في إخراج نفسه من دوامة إذلال لقب أقصر طفل إلى أكثرهم إبداعاً. باسمة يونس basema.younes@gmail.com