تنمية الذات كأساس للتماسك الأسري، تعتبر الهدف الرئيسي لمبادرة 960 دقيقة، التي قدمتها إدارة مراكز التنمية الأسرية، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، لتجعل من التنمية الذاتية للأفراد مدخلاً للتماسك الأسري والاجتماعي، امتثالاً للأهداف الكبيرة التي تسعى المراكز لتحقيقها. وتشتمل المبادرة في مراحلها الثلاث، على حزمة من البرامج والمشاريع، انطلقت بمرحلة التأهيل التي تلقت خلالها المشاركات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و40 عاماً، مجموعة من البرامج التي تعرّفن من خلالها إلى قدراتهن، ومن ثم الانخراط في مرحلة التدريب، لصقل تلك القدرات وتوجيهها، ليدلفن للمرحلة الأخيرة التي سميت بمرحلة الإنجاز، التي خرجن منها بمشروعات اجتماعية تطوعية، تعدت آثارها المشاركات، لتعم فوائدها أيتام مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي. 960 دقيقة، تعتبر نقطة فارقة في مجال التأهيل الذاتي الرامي لاستنفار الطاقات الكامنة وتوظيفها، لقيم الخير والجمال والعمل الإنساني التطوعي، فالمبادرة بمشاريعها المتنوعة ارتكزت على تقديم دورات التنمية البشرية لأفراد المجتمع، في ظل المتغيرات الحديثة، من خلال برامج تدريبية متخصصة تسهم في بناء الذات وتحقيق الأهداف والتوازن في الحياة. بدأت فعاليات المبادرة بيومين 360 دقيقة من التدريب على الإدارة الفاعلة للذات وتطوير وبناء الشخصية، تلتها المرحلة الثانية التي استغرقت 3 أيام، 420 دقيقة من التحدي، عمل فيها المدربون على تطوير المهارات والقدرات الفردية الكامنة، لتتوجب المرحلة الأخيرة التي استغرقت يوماً واحداً 180 دقيقة من الإنجاز، نفذت المشاركات خلالها تجارب واقعية شخصية ومجتمعية مثلت ثمرة المبادرة، بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي، لتوظف المبادرة أدوات التفكير الإبداعي وتحث من خلالها الطاقات المختلفة، لتثمر مشاريع إنسانية، تغير من أنماط التفكير لدى المشاركات، وتجعلهن أكثر إيجابية في التعاطي مع قضايا مجتمعهن، وتعود كذلك بالنفع على أفراد المجتمع عبر هذه المشاريع التي تعلي من قيمة التطوع والبذل والعطاء. في الأيام الثلاثة الأولى للمبادرة، كان التركيز على تعريف المشاركات إلى أنفسهن، وإطلاق الطاقات الكامنة لديهن، وتوظيفها لتعزيز قيم العطاء الإيجابي، دون إغفال نقطة مهمة تتمثل في تعريفهن إلى نقاط الضعف والقوة بالنسبة لهن، حسبما توضح عائشة الزعابي، المدربة والخبيرة في التنمية البشرية والمشاركة في المبادرة. وتشير الزعابي إلى أنهم عملوا خلال هذه المرحلة من المبادرة على التغلب على المشاعر السلبية والمخاوف والتخلص منها، ليحصلوا على نتائج كبيرة على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهوها خلالها، إلا أنهم نجحوا تماماً حسبما تدلل على ذلك المشاريع الفعلية التي خرجت بها المبادرة، وترى أن السبب الرئيسي وراء هذا النجاح يتمثل في العلمية والمنهجية التي كانت روح المبادرة، فمنذ البداية كان الحرص على تعزيز الدوافع الذاتية وتنميتها وتغليبها على الأحاسيس السلبية، الأمر الذي سهل من مهمة المشاركات في الانطلاق نحو آفاق العطاء. وتضيف أن النجاح الأكبر الذي حققته المبادرة يتمثل في استدامة هذا العطاء، فجميع الفرق المشاركة في 960 دقيقة أعلنت عن استمرارية مشاريعها حتى بعد نهاية المشروع، ما يعني أن هذا الأثر سيستمر طويلاً وستكون له بصمته الخاصة في مجال العمل الاجتماعي على مستوى الدولة. في ذات الاتجاه تمضي هدى بوكفيل، مدير إدارة البرامج والأنشطة بمراكز التنمية الأسرية، مشيرة إلى أن 960 دقيقة أحرزت نجاحاً كبيراً، مبينة أن هذا النجاح كان بادياً على وجوه المشاركات وهن يحكين تجاربهن في اليوم الختامي للمبادرة. وتتابع بوكفيل قائلة: هذا الأثر الكبير الذي تركته المبادرة في نفوس المشاركات فيها، يدلل على أننا تمكنا من تحقيق أهدافها، وبالنسبة لي بلغنا ذروة هذا النجاح عندما أعلن الجميع عن استمرارية مشروعات المبادرة، التي ستترك أثراً كبيراً في فئات أخرى بتشجيعها على العطاء والبذل في ميادين العمل الاجتماعي، بالإضافة للقيم الكبيرة التي أسهمت المبادرة في إرسائها، وأهمها الإحساس بالمسؤولية، التي دفعت المشاركات لتطوير مشاريعهن والتواصل مع مؤسسات وشركات لتقديم الرعاية وتحقيق الاستدامة، خصوصاً أننا خاطبنا من خلالها إحدى الفئات الاجتماعية المهمة، وهي فئة الأيتام بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي. وتضيف أن، المرحلة المقبلة ستشهد تطوير المبادرة عبر التقييم الذي تم باستمارات قبلية وبعدية، خصوصاً أنها في انطلاقتها الأولى، مؤكدة سعيهم لاستيعاب فئات عمرية أخرى، فتحقيق التنمية الذاتية للأفراد مهمة مستمرة لا تتوقف بالنسبة لهم في المراكز، كما أنهم يستصحبون آراء المشاركات؛ لقياس أثر المبادرة وبناءً على نتائج هذا القياس تنتقل لمرحلة جديدة أكثر تطوراً. وتقول إيمان البريمي، إحدى المشاركات في مشاريع المبادرة، إنها مثلت تجربة مختلفة تماماً بالنسبة لها، مشيرة إلى أنها استفادت كثيراً من مرحلتي التأهيل والتدريب، للدرجة التي جعلتها متحفزة للعطاء، لتواجه صعوبات في اختيار المشروع، فهنالك شروط محددة للمشاريع، كما أنهم كانوا حريصين على تقديم مشروع يكون أثره باقياً بعد انتهاء المبادرة، وبعد مداولات عديدة مع أعضاء الفريق توصلوا إلى مشروع لإعداد وتعليم الأيتام وجبة صحية، فاشتروا أدوات الطبخ ووفروا الكتب المتخصصة، ثم تلقى الفريق تدريبات في مركز الشيف الدولي بالشارقة، ليكلل المشروع بالنجاح. وتؤكد البريمي استمرارية المشروع فهو بالإضافة لأثره في الأيتام، قد انعكس بشكل إيجابي على أعضاء الفريق، الذين تمكنوا من تطوير شخصياتهم من خلال العمل الجماعي بالإضافة لتطوير أدوات تواصلهم مع بعضهم. فوائد عديدة تلك التي انعكست على المشاركات، تلخصها إيمان محمد، وهي ربة منزل شاركت في 960 دقيقة، في الروح الإيجابية التي اكتسبتها من البرنامج، بالإضافة لكسر الروتين اليومي، والإحساس بأنها تنجز أشياء مفيدة. وتضيف أن الأمر انعكس على تعاملها مع أطفالها في البيت وعزز من قدراتها على التواصل مع الآخرين. وتقول فاطمة رشيد الهرمودي، إحدى المشاركات: دائماً ما تكون مواسم العطاء محددة بمواعيد معينة، إلا أن ورش العمل التي تلقيناها والمدربين والتقنيات وكل هذا الزخم الجميل الذي صاحب هذه المبادرة، يدفعنا لأن تكون كل لحظة في حياتنا مناسبة للبذل والعطاء، دون التقيد بزمن معين. وتضيف أن أبرز المكاسب من 960 دقيقة بالنسبة لها، هو استمرارية هذه المشاريع المخصصة للأيتام التي خرجت من المبادرة، لافتة إلى أن استدامة العطاء إحدى أهم القيم التي خرجت بها من مشاريع البرنامج الذي عرفها جوانب كثيرة جداً من جوانب العمل الإنساني. وترى خلود أحمد حوكل، إعلامية مشاركة في المبادرة، أن التواصل مع فريق العمل وتعزيز روح العمل الجماعي تعتبر أبرز الفوائد التي خرجت بها من المبادرة، وتضيف أن مشروعهم تمثل في توفير 10 أجهزة حاسوب للأطفال في مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي، في مشروع حمل اسم حقيبة ت، التي ترمز للتعليم والتنمية والتكنولوجيا، وهي الثلاثية التي تجسد أهداف المشروع، الذي احتوى على ورشة تثقيفية لم يسعف الزمن بإقامتها، ليحل محلها مُطبق تثقيفي أرفق مع الحواسيب المقدمة للطلاب، موضحة أنهم جمعوا التبرعات لتنفيذ المشروع من أقاربهم والدائرة الضيقة من الأصدقاء حتى كلل المشروع بالنجاح، وهم الآن يفكرون في جعله مشروعاً مستمراً لدعم الأيتام. توسيع مظلة الفئات العمرية تقول موضى الشامسي رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية، إنهم يعملون على تنمية شخصية الفرد، باعتبارها أساساً للتماسك الأسري، الذي تسعى خطتهم لتحقيقه عبر عدة مشاريع ومبادرات، مضيفة أن 960 دقيقة نجحت في تحقيق أهداف المراكز؛ لما اتسمت به من روح إبداعية وتكاتف اجتماعي، عززه حماس ومثابرة المشاركين وفريق العمل. وترى أن المبادرة تمكنت من تحقيق هدفها باستنهاض همم المشاركات، ودفعهن لاكتشاف مقدراتهن الذاتية، لتعرب عن أملها في أن تسهم هذه التجربة المميزة في استدامة مشاريع المبادرة، عبر التقييم والنقد، بإبداء المشاركات لملاحظاتهن، فلتطوير أي مبادرة لا بد من قياسها والوقوف على نقاط ضعفها وقوتها. وتضيف: نعمل على تعميم التجربة بعد إخضاعها للتقييم وتطويرها، لاستهداف فئات عمرية جديدة، ولتكن البداية بطالبات المرحلة الثانوية، اللائي سنخصص لهن مبادرة بذات الشعار (960 دقيقة)، لكونه أفلح في جذب المشاركات، على أن تكون المبادرة الموجهة للطالبات بلغة وأنشطة تناسب أعمارهن وتلبي احتياجاتهن، فنحن نعمل على أن تكون هذه المبادرة علامة مميزة في فضاء العمل الاجتماعي والإنساني، كما أن التنمية الذاتية لا تتوقف عند فئة بعينها، بل هي جهد مستمر في جميع المراحل العمرية.