على أثر فشل وزراء خارجية الدول المعنية بالاتفاق على موعد جديد لاستئناف مباحثات السلام السورية، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري لنظيره الروسي سيرغي لافروف إن واشنطن تريد رحيل الأسد. وقال كيري وهو ينظر إلى لافروف بالمؤتمر الصحافي في فيينا: «لا ينبغي أن يخطئ أبدا التقدير بشأن تصميم الرئيس أوباما للقيام بالشيء المناسب، في أي وقت يعتقد فيه أن عليه اتخاذ قرار»! وأعتقد أن لافروف قد تصرّف بدبلوماسية حين لم يضحك أمام كيري، وبالتأكيد أن لافروف قد انفجر ضاحكا بغرفته بعدها! فهل يمكن أن يصدق لافروف، أو الأسد، رئيس أميركا الذي تراجع عن الخطوط الحمراء التي حددها بنفسه لبشار الأسد، وتجاوزها الطاغية، وبعدها هرع الروس لإنقاذه؟ والسؤال الآن: من يصدق حاليًا وزير الخارجية الأميركي عندما يحذر من الخطأ في تقدير ما يمكن أن يفعله أوباما، بينما الكارثة السورية في عامها الخامس، وآلة القتل الأسدية لم تتوقف، ولم يتم دعم المعارضة؟ والأدهى من كل ذلك أن كيري يقول ما يقوله، بينما يقول رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات السلام في جنيف، أسعد الزعبي، لصحيفتنا إن القوات الإيرانية لا تزال تصل تباعًا للمناطق المستهدفة بسوريا، وإن 11 ألف مقاتل إيراني وصلوا مؤخرا عبر طائرات النقل والشحن التي تحطّ في مطاري دمشق الدولي وحماه، مضيفا أن المراقبة على الأرض تؤكد أن الحشود الإيرانية قفزت في مجملها إلى أكثر من 80 ألفًا من الحرس الثوري، والجيش النظامي، والمكونات الأخرى من المرتزقة الذين تدربهم إيران، يضاف إليهم بالطبع إرهابيو «حزب الله». وهذا كله عدا عن حجم الأسلحة الإيرانية المنقولة لسوريا، والمعروف أن هناك قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن برقم 1747 يحظر في الفقرة الخامسة «توريد، أو بيع، أو نقل أي أسلحة، أو عتاد ذي صلة بشكل مباشر، أو غير مباشر» من إيران، وعبر رعاياها، ونحن لا نرى تصدير أسلحة وحسب، بل نرى مقاتلين، ومرتزقة، علما بأن قرار مجلس الأمن 1747 ينص في الفقرة الثانية أنه «يهيب بجميع الدول أن تتوخى اليقظة والتشدد حيال دخول أراضيها، أو عبورها من قبل الأفراد الذين يشتركون في أنشطة إيران الحساسة»، وفي قرار مجلس الأمن ملحق للأشخاص الرئيسيين في «فيلق الحرس الثوري الإيراني» الذي يحذر منهم مجلس الأمن، ومنهم قاسم سليماني المذكور بالاسم، ونراه، أي سليماني، متنقلا بين كل من العراق، وسوريا، ولبنان، للتنسيق لقتل السوريين! وبعد كل ذلك يقول كيري لنظيره لافروف إنه يجب عدم الخطأ في تقدير موقف أوباما، حيث يمكنه «القيام بالشيء المناسب في أي وقت يعتقد فيه أن عليه اتخاذ قرار»! فهل من سخرية أكثر من هذه؟ الحقيقة أن الروس، وقبلهم الأسد وإيران، لن يفهموا إلا لغة القوة، والأفعال، وعدا عن ذلك فمن حق لافروف أن يضحك مطولاً على ما يقوله كيري.