يعقد اليوم مجلس الشورى العسكري التركي اجتماعه السنوي للمرة الأولى منذ تغيير وظيفة الجيش وصلاحياته دستورياً، بعد مصادقة الرئيس عبدالله غل على التعديل الدستوري الذي حذف عبارة «حماية الجمهورية العلمانية» من مهمات المؤسسة العسكرية، وحصر صلاحياتها بالدفاع عن أمن الوطن ضد «تهديدات» خارجية. كما يتزامن الاجتماع مع مواجهة تركيا وجيشها تحديات كبرى، تتمثّل في استقالات بالجملة يشهدها، أحدثت فراغاً ضخماً في مناصب مهمة، أوكِل سدّها إلى ضباط ذوي رتب صغيرة، ما أشاع انطباعاً بأن الجيش فَقَدَ أهم خبراته ورجاله، ويقوده الآن ضباط يفتقرون إلى خبرة كافية. تضاف إلى تلك التحديات، مسيرة التسوية السلمية المهددة بالانهيار، مع «حزب العمال الكردستاني»، والتحركات الأخيرة للمسلحين الأكراد في سورية، وهجمات انتقامية لـ «جبهة النصرة» على الحدود التركية. ويستمر اجتماع مجلس الشورى العسكري الذي يرأسه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ويضمّ وزير الدفاع عصمت يلماز ورئيس الأركان الجنرال نجدت أوزال وجميع قيادات الجيش، 4 أيام يتخللها ترتيب البيت الداخلي للمؤسسة العسكرية الملتزمة إقصاء ضباط، بحجج كانت سابقاً اتهامهم بـ «الرجعية» الدينية، لكنها تندرج الآن في خانة الخروج عن الانضباط. كما تشمل الإسراف في شرب الخمر أو لعب القمار، أو تسريب معلومات سرية إلى وسائل إعلام. وسبق الاجتماع إعلان 4 استقالات هزّت الجيش، الأولى لقائد العمليات البحرية الأميرال نصرت غونار الذي كان المرشح الوحيد لقيادة البحرية، بدل الأميرال أمين مراد بلغال الذي سيُحال على التقاعد إثر بلوغه السنّ القانونية هذا الشهر. وبرّر غونار خطوته بأن توليه «قيادة سلاح البحرية، فيما يُسجن نحو 160 من زملائي الضباط على ذمة قضايا مختلفة، وُجِّهت إليهم اتهامات غير مقنعة، يُعتبر أمراً عديم الشرف». وسيرغم هذا الأمر قيادة الجيش على ترقية ضابط ليقود سلاح البحرية الذي يعاني نقصاً شديداً في الرتب العليا. واستقال أيضاً 3 جنرالات من سلاح الجوّ، بينهم نزيه دامجي مساعد قائد هذا السلاح، والذي ورد اسمه في التحقيق حول مقتل 36 كردياً خطأً في كانون الأول (ديسمبر) 2011 على الحدود مع العراق، إذ تعرّضوا لقصف من طائرة بلا طيار، للاشتباه في كونهم من مسلحي «الكردستاني». واتهمت المعارضة الحكومة بالتستّر على الخطأ الذي ارتكبه دامجي، لكن أردوغان فاجأ الأتراك قبل يومين بنفيه مسؤوليته الشخصية عن الحادث، متهماً الجيش، وهذا ربما دفع دامجي الى الاستقالة، قبل إحالته على التقاعد في اجتماع مجلس الشورى العسكري. ويناقش الاجتماع أيضاً الوضع في سورية وتحرّكات المسلحين الأكراد، واحتمال انهيار مسيرة التسوية مع «الكردستاني»، بعد تهديد زعيمه المعتقل عبدالله أوجلان بكفّ يده عن المسألة في 15 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، إن لم تنفّذ الحكومة وعودها بتمرير إصلاحات دستورية مهمة تتصل بحقوق الأكراد في تركيا. يُضاف إلى ذلك ما يعتبره بعضهم انجرار الجيش التركي لقتال «جبهة النصرة»، بعد تقارير أفادت بدعم أنقرة الجهاديين المتشددين في شمال سورية، ضد الأكراد والجيش السوري، لكنها تخلّت عنهم وتتعاون سياسياً مع الأكراد، ما جعل «جبهة النصرة» تشنّ هجمات على مخافر حدودية للجيش التركي. على صعيد آخر، أوردت صحيفة «زمان» أن محكمة تركية أمرت بسجن إيرانيَّين وتركي، فترات تراوح بين 13 و15 سنة، بعد إدانتهم ببيع مخبرين إيرانيين وثائق سريّة للجيش والاستخبارات وأجهزة أخرى في تركيا.