أبدى المسؤولون الفلسطينيون في السلطة الفلسطينية ثقتهم بانعقاد مؤتمر السلام الدولي في باريس، على الرغم من إعلان الرئيس الفرنسي تأجيل الاجتماع الوزاري للمؤتمر الذي كان مقررا نهاية الشهر الحالي، ولم يثر ذلك أي قلق لدى القيادة الفلسطينية التي أخذت علما مسبقا بإمكانية تأجيله فترة محددة، لكنه كان بالنسبة لحركة حماس دليلا إضافيا على فشل رهان «التسوية». وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، مرة أخرى، دعمه مبادرة السلام الفرنسية، مؤكدا ألا بديل عن حل الدولتين. وقال عباس أثناء لقائه وفدا من حركة ميرتس الإسرائيلية، في مقره في رام الله: «إذا لم يحصل السلام فإن الإرهاب الذي يمثله (داعش) و(النصرة) وغيرهم سينتشر في كل المنطقة». ويشير دعم عباس المبادرة الفرنسية، على الرغم من إعلان الرئيس الفرنسي أن المؤتمر الوزاري الخاص بمؤتمر السلام لن يعقد في موعده، إلى اطمئنانه لعقد هذا المؤتمر في وقت قريب. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرو، قد أبلغ الرئيس محمود عباس أثناء لقائهما يوم الأحد الماضي، أن موعد اللقاء الوزاري التشاوري، الذي كان مقررًا عقده يوم الثلاثين من الشهر الحالي، قد يؤجل لعدة أيام فقط، نظرًا لتضارب الموعد مع جدول أعمال بعض المدعوين. واتضح لاحقا أن الموعد لم يناسب وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إنه سيتم تأجيل المؤتمر الدولي، الذي كان من المقرر عقده في باريس في الثلاثين من الشهر الحالي، لبحث مسيرة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أوضح أنه لا يستطيع الوصول إلى باريس في الموعد الأصلي للمؤتمر. وأضاف هولاند، لإذاعة «أوروبا 1» أن وزير الخارجية جان مارك أيرو اقترح عقد المؤتمر في 30 مايو (أيار)، لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيكون مشغولا في هذا التاريخ. وأضاف في مقابلة: «لا يمكن أن يأتي جون كيري في 30 مايو. لقد تأجل... سيعقد خلال الصيف». وتابع: «هذه المبادرة ضرورية لأنه إذا لم يحدث شيء وإذا لم تكن هناك مبادرة فرنسية قوية فإن الاستيطان والهجمات الإرهابية وصراعات كثيرة ستستمر». ومضى يقول: «يجب أن نتحرك لكي نعطي دفعة لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا يمكن للوضع أن يستمر على ما هو عليه ولا يمكن أن تستمر عملية بناء المستوطنات». وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها بصدد التشاور مع فرنسا بشأن تحديد موعد آخر لاجتماع باريس الدولي لإعادة إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وذلك حتى يتسنى لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الحضور. وقالت الخارجية الأميركية، الاثنين، إن وزير الخارجية جون كيري لن يكون بإمكانه الحضور إذا عقد اجتماع باريس الدولي لإعادة إطلاق مباحثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية في 30 مايو، لكن البلدين يبحثان موعدا آخر محتملا. وأوضح جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «قلنا بوضوح إن تاريخ 30 مايو المقترح في الأصل لا يناسب وزير الخارجية وجدول مواعيده». لكنه أضاف أن واشنطن «تبحث حاليا مع الفرنسيين تاريخا بديلا يناسب أكثر وزير الخارجية الأميركي».ويوم 30 مايو يوم عطلة مهم جدا في الولايات المتحدة، مخصص لتكريم عناصر القوات المسلحة الذين سقطوا في ساحات المعارك «ميموريال داي». وستكون المبادرة الفرنسية على طاولة اجتماع غير عادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في 28 مايو الحالي، برئاسة مملكة البحرين، وبحضور الرئيس محمود عباس، وذلك بناء على دعوة من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية، السفير أحمد بن حلي، في تصريح للصحافيين، أمس، إن هذا الاجتماع يأتي في ضوء مشاورات أجراها الأمين العام للجامعة العربية ووزير خارجية البحرين، الشيخ خالد آل خليفة، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة. وأضاف أن الوزاري العربي سيناقش ثلاثة موضوعات رئيسية، في مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية، لافتا إلى أهمية مشاركة الرئيس عباس في الاجتماع لتحديد الموقف العربي الذي سيتم طرحه أمام مؤتمر باريس المقرر في بداية يونيو (حزيران) المقبل، الذي بدوره سيكون مكرسا لبحث القضية الفلسطينية، وسبل إنفاذ حل الدولتين، والخروج من حالة الجمود الراهنة التي تفرضها إسرائيل «السلطة القائمة بالاحتلال». وفيما تواصل السلطة دعم الفرنسيين بانتظار تحديد موعد جديد، عدت حماس إعلان تأجيل المؤتمر دليلاً إضافيًا على فشل خيار التسوية ومشروع محمود عباس. ودعا الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، قيادة حركة فتح إلى التخلي عن «العبث السياسي وأوهام التسوية والعودة إلى الخيارات الوطنية على قاعدة الثوابت والشراكة والمقاومة». يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن في وقت سابق معارضته الجهود الفرنسية، مطالبا بمفاوضات مباشرة وثنائية من دون تدخل مع الفلسطينيين. وعقب عباس على المعارضة الإسرائيلية، بقوله إن إسرائيل ليست مدعوة أصلا للمؤتمر، شأنها شأن الفلسطينيين، وأنه يأمل في أن يفرز المؤتمر الذي دعي إليه نحو 30 دولة، آلية دولية على غرار «5 زائد 1» لإيجاد حل للصراع وإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.