أعلنت روسيا عن رفضها برنامج صندوق النقد الدولي الخاص بمساعدة أوكرانيا، إذا لم يأخذ ذلك البرنامج بالحسبان أزمة الديون الأوكرانية لروسيا. وحذر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف من أن روسيا بصفتها «جهة سيادية مقرضة» ستطالب خلال وضع خطة المساعدات لأوكرانيا بإضافة فقرة حول «التزامات كييف المالية أمام موسكو». وذلك في الوقت الذي تسعى فيه موسكو عبر خطوات متتالية لتجاوز أزمتها الاقتصادية، وتغطية العجز في ميزانيتها.. وهي إجراءات شملت الشروع في تفعيل خطة خصخصة أجزاء من شركات، كانت تصنف على أنها «مؤسسات استراتيجية»، حتى رفعت عنها هذه الصفة أخيرًا. وفي تصريحات له يوم أمس، أعرب سيلوانوف عن أمله في أن يضيف صندوق النقد الدولي فقرة حول ضرورة تسديد أوكرانيا التزاماتها المالية المستحقة لروسيا، ودون ذلك فلن توافق روسيا على البرنامج لأنه لا يصب في خدمة مصالحها حسب قول الوزير الروسي. ولفت سيلوانوف إلى أن المفاوضات بين موسكو وكييف حول أزمة الديون لم تبدأ بعد مع الحكومة الأوكرانية الجديدة، معربًا عن أسفه لذلك، ولافتًا إلى أن روسيا - ومع أنها هي الجهة التي قدمت القرض، كانت قد عرضت على أوكرانيا اقتراحات حول جدولة تسديد قرض قدره 3 مليارات دولار أميركي، إلا أن أوكرانيا لم ترد على الاقتراحات الروسية، كما لم تقدم من جانبها اقتراحات مقبولة. وكانت وزارة المالية الروسية قد أكدت في نهاية أبريل (نيسان) الماضي موافقتها على تأجيل الجلسة القضائية حول أزمة الديون بين البلدين، وذلك كي تمنح الحكومة الأوكرانية الجديدة فرصة للدخول في مفاوضات حول هذا الأمر. وقبل ذلك كانت الحكومة الأوكرانية السابقة قد أعلنت نهاية عام 2015 عن قرار بتأجيل تسديد الديون لروسيا الاتحادية، واعتبرته «دينًا خاصًا»، بينما كان مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قد أقر بأن الديون الأوكرانية المستحقة لروسيا هي «ديون سيادية». وتعود بدايات أزمة الديون الحالية بين موسكو وكييف إلى ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، عندما اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني (آنذاك) فيكتور يانكوفيتش، على منح روسيا لأوكرانيا قرضًا بقيمة 15 مليار دولار، وضمن ذلك الاتفاق اشترت روسيا أوراقا مالية أوكرانية بمبلغ قدره 3 مليارات دولار. ولم تتمكن روسيا من تحويل المبالغ المتبقية من القرض المتفق عليه مع يانكوفيتش، نظرًا للأزمة السياسية التي دخلت بها أوكرانيا، وما تبع ذلك من توتر في العلاقات مع روسيا. ومنذ ذلك الحين تقف أوكرانيا عاجزة عن تسديد التزاماتها لروسيا، مما دفع موسكو للتوجه إلى القضاء لحل النزاع بين البلدين. وبينما تبقى أزمة الديون الأوكرانية عالقة، تواصل روسيا داخليا اعتماد خطوات اقتصادية بغية التخفيف من وطأة الأزمة، وتأمين مصادر دخل إضافي للميزانية، بما في ذلك عبر بيع حصص كبيرة من أسهم شركات نفطية ومالية روسية عملاقة، يتم توجيه إيراداتها لتغطية جزء من عجز الميزانية. وكانت الحكومة الروسية قد اقترحت في وقت سابق خصخصة حصص من أسهم مؤسسات اقتصادية روسية تُصنف كمؤسسات استراتيجية، للحصول على دخل يساعد في تغطية عجز الميزانية. ومن بين تلك الشركات، برز حينها اسم شركة «روس نفط» و«باش نفط»، فضلاً عن شركة إنتاج الألماس «ألروسا»، بينما لم تستبعد أوساط اقتصادية احتمال خصخصة حصة من أسهم واحد من أضخم المصارف الروسية وهو «سبير بنك». ويبدو أن تلك الخطة قد دخلت حيز التنفيذ العملي، إذ أكد وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أوليوكايف في تصريحات له يوم أمس أن صفقة خصخصة شركة «باش نفط» قد تتم في النصف الأول من العام الحالي، موضحًا أن الوزارة ستحصل نهاية الشهر الحالي، أو مطلع الشهر المقبل، على تقييمات المستشارين في مجال الاستثمارات، لتنتقل بعد ذلك إلى خطوات سريعة في بيع حصة من «باش نفط». وقبل ذلك، أعطى الرئيس بوتين الضوء الأخضر لخصخصة حصة من «باش نفط»، وذلك حين أصدر مرسومًا يوم السادس عشر من مايو (أيار) الحالي، ألغى فيه صفة «مؤسسة استراتيجية» عن شركة «باش نفط»، الأمر الذي يعني عمليًا الموافقة على خصخصة 50 في المائة زائد واحد، أي الحصة المتحكمة من أسهم الشركة. بينما وافق الكرملين على خفض حصة أسهم الدولة الروسية في شركة «ألروسا» للألماس حتى 33 في المائة، مما يعني الموافقة على طرح قرابة 20 في المائة من أسهم الشركة للخصخصة. لكن يبدو أن الحكومة الروسية قد قررت بداية خصخصة حصة من «باش نفط»، الشركة التي تعمل في مجال النفط في 20 منطقة داخل روسيا وخارجها، وتمتلك «الوكالة الفيدرالية للممتلكات الحكومية» 50 في المائة زائد واحد من أسهمها، بينما تمتلك جمهورية باشكيريا، العضو في الاتحاد الروسي، نسبة 25 في المائة زائد واحد من أسهمها.