لندن: نادية التركي عبر الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية عن انفتاحه على «كل المقترحات التي تستهدف حماية المسار الديمقراطي في تونس»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون على أن تنفتح الحكومة على مزيد من الكفاءات». لكنه أكد في المقابل أنه لا يرى أن تحل حكومة تكنوقراط محل حكومة سياسية، موضحا: «لماذا تقوم الانتخابات إذا لم تكن هي السبيل لإنتاج السلطة؟». وأكد الغنوشي أن هناك ابتزازا سياسيا للحكومة باستغلال الأحداث. وربط زعيم حركة النهضة ما يقع في تونس بالأوضاع في مصر، وقال: «يظن من يقومون بهذه التحركات أن السيناريو المصري يمكن تطبيقه في تونس، لكنهم لا يعلمون أن مشاهد الدماء جعلت التونسي يكره هذا السيناريو وينفر منه». «الشرق الأوسط» اتصلت هاتفيا بالشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية وأجرت معه حوارا فيما يلي نصه: * النهضة تقدمت في بيان أصدرته أول من أمس باقتراح لتوسيع قاعدة الحكم في تونس، لماذا هذا الانفتاح الآن؟ هل هو ضرورة فرضتها الأحداث التي طرأت على البلاد أخيرا أم أن الخيار كان مطروحا من قبل؟ - نحن عبرنا أننا منفتحون على كل المقترحات التي تستهدف حماية المسار الديمقراطي في تونس، لا سيما أن بلادنا تمر بظروف صعبة تقتضي التحرك بأقصى جهودنا لمواجهة الإرهاب، وفي هذا الإطار ولخدمة المصلحة الوطنية نحن نمد أيدينا إلى الجميع من أجل البحث عن أفق وسبل للخروج من البلاد من الوضع الانتقالي. * كيف تتصورون إمكانية تحقيق هذه الحكومة الوطنية، وتحقيق تنويع الوزارات الحالية؟ - الحكومة الآن ليست مكونة من حزب واحد، فهي مشكلة من ثلاثة أحزاب وهم يشغلون نصف مقاعد مجلس الوزراء، والنصف الآخر يشغله مستقلون وتكنوقراط، ونحن مستعدون أن تنفتح الحكومة على مزيد من الكفاءات، ومنذ تشكيلها عملنا على أن تكون قاعدتها أوسع من ثلاثة أحزاب وأن تكون ذات قاعدة أوسع بإثرائها بكفاءات جديدة. * الآن تتحدث النهضة عن حكومة من مزيد من الكفاءات، ألا يجعلكم هذا الموقف تشعرون بأن البرلمان التونسي وحركة النهضة بالأساس قد فوتت على البلاد الفرصة التي قدمها رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي والتي مثلت حكومة تكنوقراط؟ - نحن حتى الآن لا نرى أن تحل حكومة تكنوقراط محل حكومة سياسية، وإلا فلماذا تقوم الانتخابات إذا لم تكن هي السبيل لإنتاج السلطة؟ وحكومة رئيس الوزراء الحالي علي العريض تتضمن كما كانت حكومة الجبالي عددا من الكفاءات، منهم منتمون وآخرون غير منتمين لأحزاب سياسية. * تتحدثون عن حكومة كفاءات، لكن العديد من الأطراف ومن توجهات مختلفة في تونس - ترى أن ما تمر به البلاد والأحداث الأخير، لعدم كفاءة الحكومة، وضعف الأجهزة الأمنية وحتى هناك من اتهمها بالتقصير. - هذه ردود فعل استغلالية للظرف العصيب الذي تمر به البلاد؛ لأن الإرهاب ليس ظاهرة خاصة بتونس، هو ظاهرة عالمية وضرب في أعتى الدول وأكثرها أمنا، الدول الكبرى كلها ضربت ضربات موجعة ولم يخرج مسؤول عقب الأحداث لينادي بحل البرلمان أو حل الحكومة، ولحظة المصيبة هي من المفروض لحظة توحد وتكاتف وليس العكس، ولكن هناك ابتزازا سياسيا للحكومة باستغلال الأحداث، مثل الذين فعلوا مع دم شكري بلعيد لتحقيق أهداف سياسية فشلوا في تحقيقها أمام صناديق الاقتراع، وعوض الاتحاد لمواجهة الإرهاب أتت الدعوات لحل المجلس وحل الحكومة وما بقي إلا المطالبة بمحاكمة النهضة، ويظن من يقومون بهذه التحركات أن السيناريو المصري يمكن تطبيقه في تونس، لكنهم لا يعلمون أن مشاهد الدماء جعلت التونسي يكره هذا السيناريو وينفر منه. نحن منفتحون على مائدة الحوار. لن نرفض أي مقترح لأن تونس في مواجهة خطر الإرهاب. * وردت الكثير من الأخبار والتقارير حول أن ما وقع في تونس ليس أعمالا في إطار الإرهاب إنما تحركها جهات سياسية، فما رأيكم في هذا التأويل؟ - البحث كشف عن أن عناصر إرهابية هي المتورطة في العمليات، لكن من وراءها؟ وهل هي مخترقة من أجهزة استخباراتية من طرف جهات داخلية أو خارجية لا يسرها النجاح الانتقالي في تونس؟ هذا ليس واضحا بعد. وكلما اقترب المسار من لحظة التتويج تفجرت الأوضاع، فلم يبق من تشكيل الهيئة العليا للانتخابات غير وقت قصير، وبعد أن تم الفرز من بين 900 مترشح ووقع اختيار ثمانية مترشحين ولم يبق إلا شخص واحد، جاءت الأحداث في محاولة لنقض المسار، وعوض أن تسعى المعارضة لتوحيد مواقفها من الخطر، نادوا بحل المجلس والحكومة، أي تحقيق غاية الإرهاب، ففي الدول الديمقراطية لا ينبغي أن نبعث للإرهاب برسالة بقدرته على تغيير أجندتنا، فالمعارضة توجه رسالة للإرهابيين لتعزيز ثقتهم بقدرتهم على إلغاء المؤسسات وتدمير مؤسسات الدولة. * كثيرون ربطوا بين خطاب رئيس الحكومة علي العريض الذي سبق اغتيال الجنود بيوم والذي توعد فيه الإرهابيين، وشدد لهجته تجاههم وقالوا إن الاغتيال جاء ردا على الخطاب.. ما مدى صحة هذا الرأي؟ وهل ترون أن هناك تخطيطا مسبقا للعملية؟ - لا بد أن يكون هناك تخطيط مسبق، وقد تكون لحظة التنفيذ ارتبطت بالخطاب. وأنا متيقن أن الإرهاب لن ينجح في تونس لأن الشعب موحد متضامن ويبغض العنف، والتونسيون مسالمون، ولذلك الإرهابيون لن يفعلوا شيئا إلا دفع الشعب للتضامن والتوحد حول مؤسساته، ونحن مطمئنون إلى أن لتونس جيشا وطنيا وجهازا أمنيا مدربا يقف وراءهما شعب مصمم على حفظ أمنه واستكمال مساره وستتحطم على وحدة الأمن والجيش والشعب كل المساعي الإرهابية. * الاتحاد التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في تونس) سارع إلى المطالبة بحل الحكومة على خلفية الأحداث الأخيرة. ما رأيكم في هذا التصرف خاصة أن الحكومة والاتحاد قد توصلا إلى توافق ولو إلى حد ما في الفترة الأخيرة؟ هل نقض الاتحاد العهد؟ - هناك عناصر سياسية راديكالية مؤثرة تحاول توظيف الاتحاد لصالح التيارات الشيوعية المتطرفة، ونحن نعتبر أنها لن تنجح إلى جر الاتحاد في إخراجه عن دوره في الدفاع عن العمال وتحويله إلى رأس رمح للمعارضة، ونحن في حوار مع الاتحاد وأمينه العام السيد حسين العباسي ونرى التعقل وروح التضامن هي التي ستنتصر.