ها هو الفيلم الإماراتي يخلع ثوب المهرجانات، متحرراً من قيود أبقته حبيس أذواق النخبة لأعوام طويلة، وها هي الإبداعات المحلية تتهادى واحداً تلو الآخر نحو دور العرض، لتتألق أمام جماهير قصدوها واختاروها بإرادتهم، باحثين فيها عن أعمال تشبع شغفهم، وتحكي لهم حواديت صنعت بأيدٍ محلية، تشبه وجوه أبطالها ملامحهم، وتحكي تفاصيلها قصصهم، تأخذهم الأحداث فيها حيث تصدقها عقولهم، وتداعب روح الفكاهة فيها شفاههم، راسمة ابتسامة نابعة من القلب. البيان تواصلت مع بعض السينمائيين، ليتحدثوا عن الفيلم الإماراتي، الذي نجح أخيراً في الانتقال لصالات العرض، جاذباً الجمهور على اختلاف شرائحه وخلفياته الثقافية، ومؤكداً أن السينما لعبة احترافية، التقط السينمائيون الإماراتيون خيوطها، ليصلوا للجمهور، لافتين إلى أن عوامل عدة يجب على الفيلم الإماراتي أخذها بعين الاعتبار، لينجح في صالات العرض. أكد المخرج هاني الشيباني، أن السينما الإماراتية أصبحت تحظى بتفاعل جماهيري، من خلال العروض التجارية للأفلام، لافتاً إلى أن ذلك مبشر، وقال: خرجت الأفلام الإماراتية من إطار المهرجانات، ووصلت للصالات، وأصبح هناك شكل من أشكال التواصل بينها وبين الجمهور، من خلال إقباله على مشاهدتها في الصالات، أو التجاوب معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وزاد تفكير المخرجين السينمائيين في الجمهور أكثر من التفكير بالمهرجانات، ليشكل ذلك أرضية لبدايات صناعة سينمائية، وإنتاج مستمر يدعم حضور السينما الإماراتية في دور العرض. ولفت الشيباني إلى أن التجاوب الجماهيري مع الأفلام الإماراتية التي عرضت أخيراً في دور العرض، يفرض على السينمائيين التفكير بطريقة تنفيذ الأفلام، والتسويق لها، وقال: لاحظنا أن ما عرضته السينما الإماراتية من أفلام مؤخراً، امتاز بالاحترافية في التسويق، وكانت الحملة الترويجية المصاحبة لها مدروسة، كما برز ذكاء صناع فيلم ضحي في أبوظبي، في التعامل مع نجم عربي، ما زاد من إقبال الجمهور. فقر إنتاجي أما المخرج والناقد السينمائي حمد سيف الريامي، فأكد أن السينما الإماراتية لا تزال فقيرة إنتاجياً حتى الآن، لافتاً إلى أن الطموح السينمائي الإماراتي يفوق ما يقدم على الساحة، إذ لا يزال الإنتاج السينمائي غير مشبع، مكتفياً بفيلم أو اثنين في السنة بكاملها. وأشار إلى أن الأفلام الإماراتية التي عرضت في الصالات مؤخراً، نجحت بجذب الجمهور. وقال: الجمهور عاطفي جداً، ونجح فيلم ضحي في أبوظبي، في مخاطبة عاطفة الجمهور، فالفيلم لم يخاطب الناقد، بل خاطب الجمهور الذي يبحث عن الترفيه، وتأخذه العاطفة نحوها، ولكن الجمهور النخبوي لن يتذوق هذا الفيلم.. ولن يستسيغه، لعدة عناصر افتقر إليها، وأبرزها التصوير، الذي طغت عليه الهوية الدرامية التلفزيونية، أكثر من السينمائية، كما أن الشروط السينمائية في الفيلم لم تستوفِ حقها، إلى جانب وجود بعض السقطات في الحوارات، والارتجالية في التمثيل، ووجود شخصيات لم يكن الفيلم بحاجة لها، إلا أنها أُقحمت بغرض جذب الجمهور.. وهو ما قد يستنكره المُشاهد في لحظة ما. وعن مكامن قوة الأفلام الإماراتية التي عرضت مؤخراً، قال: شاهدت ساير الجنة 4 مرات حتى الآن، ونجح في مخاطبة العقول المتذوقة للفن الراقي والعاشقة للسينما.. وهذا الفيلم برأيي، سيؤرشف ويخلده التاريخ، لقيمته الفنية الكبيرة، وفي المقابل، تفوق الترويج الإعلامي لـ ضحي في أبوظبي على نفسه، إذ لعب على وتر الوطنية، ليوصل الفيلم على أنه صناعة وطنية، ما ساعد بجذب الجمهور المحلي في الدرجة الأولى. تعطش أثنى المخرج سعيد سالمين على النجاح الذي حققه فيلمي ضحي في أبوظبي، وساير الجنة، لافتاً إلى أنهما أعادا ثقة الجمهور المتعطش لأفلام إماراتية هادفة ومصنوعة بطريقة جميلة، وقال: هناك اختلاف كبير بين الفيلمين، فالأول كان هادفاً، وأسعد الجمهور، والثاني لم يكن جماهيرياً، ولكنه وصل إلى قلب المشاهدين، وحقق صدى كبيراً. وعن عناصر القوة في فيلمه، قال: في ساير الجنة، اشتغلت على السيناريو لمدة سنتين، وحاولت أن أخرج عن أسلوب المهرجانات، لأقدم شيئاً جديداً يجذب الجمهور، ولم أتوقع أن يشهد فيلمي هذا الإقبال الكبير، فالمعروف أن الجمهور يبحث عن أفلام الكوميديا والأكشن، ولكن العكس كان صحيحاً.. فقد نفدت تذاكر الفيلم في أسبوعه الأول والثاني في الصالات، وبعد هذين الفيلمين، تأكد الجمهور أن هناك سينما إماراتية على قدر الطموحات. وأكد سالمين أنه يجب على صناع الأفلام الإماراتية، مراعاة واحترام ذكاء الجمهور، من حيث تقديم نص وسيناريو جميل ومقنع، وتنفيذ العمل بشكل جيد، والتركيز على تقديم أعمال هادفة، تناسب كل العالم، وعدم الاقتصار على الأفكار المحلية، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن الأفكار الوهمية.