تحاول القوى الكبرى اليوم (الثلاثاء)، في فيينا، اعادة إطلاق مفاوضات السلام بشأن سوريا التي اصطدمت على الارض أخيرًا، بانتهاكات للتهدئة وعرقلة ايصال المساعدات الانسانية. وبدأت المجموعة الدولية لدعم سوريا برئاسة الولايات المتحدة وروسيا التي تضم 17 بلدا، اجتماعها في الساعة التاسعة (7:00 ت غ) في العاصمة النمساوية. واعلنت وزارة الخارجية الاميركية أنّ الاهداف الثلاثة المحددة للاجتماع هي "تعزيز وقف الاعمال القتالية (...) وضمان ايصال المساعدات الانسانية إلى جميع انحاء البلاد وتسريع الانتقال السياسي". واصطدمت جولات عدة من التفاوض في جنيف بالنقطة الاخيرة. وتنص خارطة طريق وافق عليها مجلس الامن بعد اتفاق روسي - اميركي، على انشاء هيئة حكم انتقالية سورية في الاول من اغسطس (آب)، لكن مراقبين يرون أنّ هذا الموعد غير واقعي. وترى المعارضة السورية ان المرحلة الانتقالية يجب ان تستبعد الرئيس بشار الاسد، بينما يتمسك النظام بأنّ مصير بشار الاسد يقرره السوريون في صناديق الاقتراع. من جانبه، أكّد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصوله إلى فيينا أمس، أنّ "لا مستقبل مديدا لسوريا بوجود الاسد". واضاف "لذلك يجب أن نناقش برعاية الامم المتحدة وسائل اقامة حكومة انتقالية ووضع الامور في المسار الصحيح". فيما أكّد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية لصحافيين في فيينا أنّ "الهدف المحدد لشهر اغسطس هو وجود اطار متفق عليه من اجل انتقال سياسي". وأضاف أنّ ائتلاف المعارضة السورية بدا اكثر انفتاحا على اساليب التفاوض، بينما لم ينخرط نظام دمشق فعليا مع أنّه يؤكد رسميا أنّه يدعم المفاوضات. وقال إنّ "النظام غائب بكل بساطة واعتقد أنّ هذا هو لب الموضوع". من جهة اخرى، أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي بأنّ "روسيا وإيران، بدعمهما السياسي والعسكري والمالي لسوريا، تسمحان للنظام فعليا بالبقاء على حاله وبعدم الدخول في مفاوضات". ويشكل دور نظام بشار الاسد موضوع الخلاف الرئيسي بين القوى الكبرى والاقليمية في مجموعة دعم سوريا -- 17 بلدا وثلاث منظمات دولية -- بينها الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وايران والاتحاد الاوروبي. وتساند موسكو وطهران الجهد الدبلوماسي الذي تقوم به مجموعة دعم سوريا؛ لكنّهما تقدمان في الوقت نفسه دعما عسكريا حاسما لقوات نظام الاسد على الارض. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، قوله امس "ما زلنا بعيدين عن خط الوصول". واضاف "لكن إذا طبق كل ما تقرر برعاية المجموعة الدولية لدعم سوريا ومجلس الامن الدولي بنزاهة، فهناك فرصة قوية بألا يبقى الوضع على حاله". ميدانيا، تتعرض هدنة بين النظام ومقاتلي المعارضة بدأ تنفيذها في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بضغط روسي وأميركي، لانتهاكات متكررة ما تطلب اقرار تهدئة مرات عدة، لا سيما في حلب في شمال البلاد. وانتهكت هذه الهدنة مجددًا الليلة الماضية؛ فقد قتل ثلاثة اشخاص بينهم سيدة وطفلة في قصف لقوات النظام على منطقة في حي السكري الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل ثمانية اشخاص بينهم اربع سيدات وثلاثة اطفال في قصف لقوات النظام ليل الاثنين/الثلاثاء، على مناطق في بلدة بداما بريف جسر الشغور الغربي. ويسيطر تحالف من فصائل عدة على محافظة ادلب. وحصلت ثلاث جولات من المحادثات السورية غير المباشرة برعاية الامم المتحدة منذ مطلع العام الحالي في جنيف من دون أن تحقق أي تقدم. وعلقت آخر جولة في ابريل (نيسان)، بسبب استئناف القتال في حلب. وأوقع النزاع في سوريا منذ مارس (آذار) 2011، أكثر من 270 الف قتيل وخلف دمارًا هائلا وأدّى إلى نزوح نصف السكان داخل وخارج البلاد.