العنصرية لها أشكال عدة في كل المجتمعات البشرية، والتي يمكن القول أنها اضطهاد جماعة أو فرد على أساس الدين والمذهب والعرق واللون واللغة، ونصت المواثيق الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ترسيخ مبادئ المساواة والعدالة، بغض النظر عن المعايير أعلاه. ويمكن القول أن مشكلة العنصرية موجودة في كل المجتمعات المعاصرة، ولكن هناك مجتمعات وخصوصاً المتقدمة نكاد لا نسمع عن حوادث عنصرية فيها، ليس بسبب أن العنصرية قُضي عليها وزالت من ثقافتها، ولكن تلك المجتمعات شرعت قوانين تحارب العنصرية فيها وتطبقها بقوة، وكلنا نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام كم من كلمة لها دلالات عنصرية ضد مكون اجتماعي أنهت حياة ذلك السياسي، والإعلان في وسائل الإعلام كافة لا يخلو من أشكال العنصرية، وحتى محتوى البرامج الإعلامية وخصوصاً الأفلام التي بها صور نمطية لشعوب معينة مرتبطة بصور سلبية عنهم كما يصور العربي والمسلم مثلاً في بعض تلك الأفلام أو اللاتيني أو الإيطالي، ولكن في تلك الدول مؤسسات رسمية حكومية تتابع وتمنع الإساءة في الإعلان إذا كان هناك أي شكل من أشكال العنصرية. ما أثارني لكتابة هذه المقدمة هو مشاهدة إعلان لمالك شقق؛ وضع لوحة إعلانية وذكر فيها أنه لن يؤجر شقته إلا لمستأجر من بلدته؛ وهي محافظة الزلفي، وانتشر هذا الإعلان في مواقع التواصل الاجتماعي وكثر الجدل حوله، فهناك من المتابعين لتلك المواقع من يعتقد أنه حر في ملكه وله الحق أن يؤجرها لمن يشاء، والبعض الآخر يرى أنها شكل من أشكال العنصرية، وأعتقد أنها بالفعل عنصرية بغيضة وعلينا التصدي لها وفضحها، ولكن قبل كل شيء من ذلك علينا التساؤل هل توجد لدينا مرجعية رسمية أو مهنية تنظم الإعلانات في وسائل الإعلام وفي كل القطاعات الحياتية المتعددة في المنشورات وإعلانات الشوارع وغير ذلك، مثل هذه التنظيمات مهم وجودها لمحاربة العنصرية ضد أي فئة في مجتمعنا، وقد تكون العنصرية باقية في صدور بعضنا ضد بعض المناطق أو المذاهب أو على أساس اللون، ولكن هذا شأنهم ولا نستطيع اقتلاعها من عقولهم، ولكن إذا كانت هناك صناعة إعلان محددة تراعي مثل هذه الجوانب فعلى الأقل سنقلل من خطرها على المجتمع. تابعت قبل فترة إعلاناً لمواطن بريطاني أعلن في أحد مواقع التواصل الاجتماعي بيع سيارته وذكر في الإعلان أن «على المسلمين عدم العناء بالاتصال به» في إشارة واضحة أن هناك عنصرية بغيضة ضد المسلمين في محتوى إعلانه وفي فكر المعلن، وشنت حملة عليه من البعض، ما أردت قوله أننا إذا كنا نرفض العنصرية ضدنا من الآخر فعلينا ألا نمارسها ضد بعض في مجتمعاتنا وخصوصاً أن ديننا الإسلامي دين ساوى بين البشر، وأن معايير التميز هي أخلاقية بامتياز، وألا تكون محاربة العنصرية بيننا هي فقط ترديد النصوص الدينية المحاربة لها، وفي ثقافتنا المسكوت عنها موجودة بامتياز. akalalakal@