نبارك لبنوكنا السعودية تحقيق أرباح قياسية للعام الثاني على التوالي، حيث ــ بفضل الله ــ بلغت العام الماضي (2013م) حوالي 38 مليار ريال بزيادة حوالي ملياري ريال عن العام الذي قبله (الاقتصادية 17 يناير)، وهذا ينفي زعم البنوك الدائم عن البيئة الاستثمارية وعدم الاستقرار أو القدرة على التنبؤ واستقراء الأحداث، وبعد المباركة المستحقة يأتي السؤال المستحق: ماذا قدمت هذه البنوك لا كواجب أخلاقي أو مسؤولية اجتماعية، فقد حفظنا مقولتهم أنهم ليسوا مراكز ضمان اجتماعي أو هيئات خيرية، وإنما عملا بمقولتهم أن الربح طريق ذو اتجاهين. لعل من أفضل أعمال البنوك هو ارتفاع نسبة توطين الوظائف لديها مقارنة ببقية القطاعات الخاصة، وهي نسبة وإن لم تكن عظيمة إلا أنه مما يحمد لها، وهو توطين بمقابل، فهؤلاء يعملون ربما أفضل من الأجانب إذا قيضت لهم برامج تدريب ورفع كفاءة مناسبة، ويوفرون على البنوك إجراءات ورسوم الاستقدام والإسكان والسفر والرعاية الطبية، وكل ما تطلبه الجهات الرسمية منها، بحثت عن عدا ذلك، فلم أجد إلا تنافسا على جيوب العملاء. هل ستذهب كل هذه المليارات إلى محافظ السادة ملاك البنوك، ألا يستحق المواطن أو المقيم فاتح الحساب رذاذا يصرف لتحسين وتسهيل خدمته بدلا من الانتظار الطويل لأبسط إجراء، ألا يستحق الوطن الذي هيأ لهذه الأرباح أن تتحقق بعضا منها على شكل خدمة اجتماعية؟ كثيرون قالوا لا تسل، فمؤسسة النقد مثقلة بهمومها مع سعر صرف الدولار ولا تمارس عليهم أي رقابة، أحدث مثل لذلك ما حاق بنظام حماية الأجور الذي فرضته وزارة العمل من سوء تطبيق، إذ حتى مؤسسة التأمينات الاجتماعية التابعة لذات الوزارة لا تعمل به وهي من مهامها حماية منسوبيها، البنوك التي كان من الواجب أن ترحب بتنظيم يضخ أموالا لخزائنها ويتيح لها تحريك فائض سيولتها ويخفف من نسب غطاء احتياطها الذي سيدفع معجلها (ACCELERATER) المادي فتدور وتنمو أرباحها طبيعيا، ذهبت تفرض ضريبة عليه ستحقق لها ربحا مقداره حوالي مليار ونصف المليار ريال سنويا، فأين ساما من استغلال مكشوف كهذا. الاستنجاد الذي رفعه رئيس لجنة ممثلي قطاع المال بسوق العمل للمؤسسة لوضع تعرفة بنكية موحدة لنظام حماية الأجور لسد هذه الثغرة مثال آخر لما أزعم دوما من عدم التنسيق بين الجهات الحكومية وأنها تعمل في جزر منفصلة.